كقولِهم: «سبحانَك اللهمَّ وبحمدِك»، أي: والحمدُ لله. ومنه قولُ لبيدٍ:

٤٢٩١ - وأُفْرِدْتُ في الدنيا بفَقْدِ عشيرتي وفارقني جارٌ بأَرْبَدَ نافِعُ
أي: وهو أَرْبَدُ «. وهذا ليس بتفسير إعرابٍ بل تفسيرُ معنى.
قوله: ﴿بِأَيِّكُمُ المفتون﴾ : فيه أربع أوجه، أحدُها: أنَّ الباءَ مزيدةٌ في المبتدأ، والتقديرُ: أيُّكم المَفْتون فزِيدَتْ كزيادِتها، في نحو: بحَسْبك زيدٌ، وإلى هذا ذهب قتادةُ وأبو عبيدة معمرُ بن المثنى، إلاَّ أنَّه ضعيفٌ مِنْ حيث إنَّ الباءَ لا تُزاد في المبتدأ إلاَّ في «حَسْبُك» فقط. الثاني: أنَّ الباءَ بمعنى «في»، فهي ظرفيةٌ، كقولك: «زيدٌ بالبصرة»، أي: فيها، والمعنى: في أيِّ فرقةٍ وطائفةٍ منكم المفتونُ. وإليه ذهب مجاهدٌ والفراء، وتؤيِّدُه قراءةُ ابن أبي عبلةَ «في أيِّكم». الثالث: أنَّه على حَذْفِ مضافٍ، أي: بأيكم فَتْنُ المَفْتونِ فَحُذِفَ المضافُ، وأقيم المضافُ إليه مُقامَه، وإليه ذهب الأخفش، وتكونُ الباءُ سببيَّةً، والرابع أنَّ «المفتون» مصدرٌ جاء على مَفْعول كالمَعْقول والمسيور والتقدير: بأيكم الفُتون. فعلى القول الأولِ يكونُ الكلامُ تامَّاً


الصفحة التالية
Icon