بدلَ الهمزة. وقد تقدَّم مثلُه في «مُسْتَهْزِيُون» أولَ هذا الموضوع. وقرأ نافعٌ في روايةٍ، وشيخُه وشَيْبَةُ بطاءٍ مضمومةٍ دونَ همزِ. وفيها وجهان، أحدُهما: أنَّه كقراءةِ الجماعةِ، إلاَّ أنه خُفِّفَ بالحَذْفِ. والثاني: أنه اسمُ فاعلٍ مِن خطا يخطو إذا اتَّبع خطواتِ غيرِه. فيكونُ مِنْ قولِه: ﴿لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشيطان﴾ [النور: ٢١] قاله الزمخشري، وقد مَرَّ في أول هذا الموضوع أنَّ نافعاً يَقْرأ «الصابِييْنَ» بدونِ همزٍ، وتقدَّم ما نَقَلَ الناسُ فيها، وعن ابن عباس: ما الخاطُون كلُّنا نَخْطُو. ورَوى عنه أبو الأسودِ الدؤليُّ: «ما الخاطُون، إنما هو الخاطئُون وما الصابُون، إنما هو الصابِئُون».
وقوله: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ﴾ : قد تقدَّم مثلُه في آخرِ الواقعة، وأَشْبَعْتُ القولَ ثَمَّةَ إلاَّ أنَّه قيل ههنا: إنَّ «لا» نافيةٌ لفعلِ القسم، وكأنَّه قيل: لا أَحْتاجُ أَنْ أُقْسِمَ على هذا؛ لأنه حقٌّ ظاهرٌ مُسْتَغْنٍ عن القسمِ، ولو قيل به في الواقعة لكان حَسَناً.
قوله: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ﴾ : هو جواب القسمِ.
قوله: ﴿وَمَا هُوَ بِقَوْلِ﴾ : معطوفٌ على الجوابِ فهو جواب. أَقْسَمَ على شيئين، أحدُهما مُثْبَتٌ، والآخرُ منفيٌّ وهو من البلاغةِ الرائعة.