بعده، وهو قولُه: «إذا» و «إذا» قال ثعلب: «سألني محمد بنُ عبد الله ابن طاهر ما الهَلَعُ؟ فقلت: قد فسَّره اللهُ، ولا يكون أَبْيَنَ مِنْ تفسيرِه، وهو الذي إذا نالَه شرٌ أظهرَ شِدَّةَ الجَزَعِ، وإذا ناله خيرٌ بَخِلَ به ومَنَعَه الناس» انتهى. وأصلُه في اللغةِ على ما قال أبو عبيد أَشَدُّ الحِرْصِ وأسْوَأُ الجَزَع. وقيل: هو الفَزَعُ والاضطرابُ السريعُ عند مَسِّ المكروهِ، والمَنعُ السريعُ عند مَسِّ الخيرِ، مِنْ قولِهم: ناقةٌ هِلْواع، أي: سريعةُ السَّيْرِ.
قوله: ﴿جَزُوعاً﴾ : و «مَنوعاً» فيهما ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنهما منصوبان على الحال من الضمير في «هلُوعا» وهو العاملُ فيهما، والتقدير: هَلُوعاً حالَ كونِه جَزُوعاً وقتَ مَسِّ الشرِّ، ومنوعاً وقتَ مسِّ الخيرِ. والظرفان معمولان لهاتَيْنِ الحالَيْنِ. وعَبَّر أبو البقاء عن هذا الوجهِ بعبارةٍ مُوْهِمَةٍ. وهو يريدُ ما ذكَرْتُه فقال: «جَزوعاً حالٌ أخرى، والعاملُ فيها هَلُوعا». فقولُه: «أخرى» يُوهم أنها حالٌ ثانية وليسَتْ متداخِلَةً، لولا قولُه: «والعاملُ فيها هَلُوعا». الثاني: أَنْ يكونا خبَرَيْن ل كان أو صار مضمرةً، أي: إذا مَسَّه الشرُّ كان أو صار جزوعا، وإذا مَسَّه الخيرُ كان أو صار منوعاً قاله مكي. وعلى هذا فإذا شرطيةٌ، وعلى الأولِ ظرفٌ مَحْضٌ، العاملُ فيه ما بعدَه، كما تقدَّم. الثالث: أنهما نعتٌ ل «هَلُوعا» قاله مكي. إلاَّ أنَّه


الصفحة التالية
Icon