الثالث: أنَّه منصوبٌ على الظرفِ، وهو قولُ الكوفيين، ويجيزون «زيدٌ مثلَك» بالفتح. ونقله أبو البقاء عن أبي الحسن، ولكن بعبارةٍ مُشْكِلةٍ فقال: «ويُقْرَأ بالفتح، وفيه وجهان، أحدُهما: هو مُعْرَبٌ. ثم في نصبِه أوجهٌ». ثم قال: «أو على أنه مرفوعُ الموضعِ، ولكنَّه فُتحَ كما فُتح الظرفُ في قوله:
﴿لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ [الأنعام: ٩٤] على قولِ الأخفَشِ «. ثم قال:» والوجه الثاني هو مبنيٌّ «. وقال أبو عبيد:» بعضُ العربِ يَجْعَلُ «مثلَ» نصباً أبداً فيقولون: هذا رجلٌ مثلَك «.
الرابع: أنه منصوب على إسقاطِ الجارِّ، وهو كافُ التشبيهِ. وقال الفراء:» العربُ تَنْصِبُها إذا رُفِعَ بها الاسمُ، يعني المبتدأ، فيقولون: مثلَ مَنْ عبدُ الله؟ وعبدُ الله مثلَك، وأنت مثلَه؛ لأنَّ الكافَ قد تكونُ داخلةً عليها فتُنْصَبُ إذا أَلْقَيْتَ الكافَ «. قلت: وفي هذا نظرٌ، أيُّ حاجةٍ إلى تقدير دخولِ الكافِ و» مثْل «تفيدُ فائدتَها؟ وكأنه لمَّا رأى الكافَ قد دخلَتْ عليها في قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] قال ذلك.
الخامس: أنَّه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ أي: لحَقٌّ حقاً مثلَ نُطْقِكم. السادس: أنه حالٌ من الضميرِ في» لَحَقٌّ «لأنه قد كَثُرَ الوصفُ بهذا المصدرِ، حتى جَرَى مَجْرى الأوصافِ المشتقةِ، والعاملُ فيها» حَقٌّ «. السابع: أنه حالٌ من نفس» حقٌّ «وإن كان نكرةً. وقد نَصَّ سيبويه في مواضع من كتابه على جوازِه، وتابعه أبو عمرَ على ذلك.