قوله: ﴿سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ﴾ : قد تقدَّم تحريرُ هذا في هود. وقال ابن عطية: «ويتجهُ أن يعملَ في» سَلاماً «» قالوا «على أَنْ يُجعل» سلاماً «في معنى قولاً، ويكون المعنى حينئذٍ: أنهم قالوا تحية وقولاً معناه سلاماً. وهذا قولُ مجاهد». قلت: ولو جُعِل التقدير أنَّهم قالوا هذا اللفظَ بعينِه لكان أَوْلى، وتفسيرُ هذا اللفظِ هو التحيةُ المعهودةُ. وتقدَّم أيضاً خلافُ القرَّاءِ في «سلاماً» بالنسبة إلى فتحِ سِينه وكسرِها وإلى سكونِ لامِه وفتحِها.
والعامَّةُ على نصب «سلاماً» الأول ورفع الثاني، وقُرئا مرفوعَيْن، وقُرىء «سَلاماً قال: سِلْماً» بكسرِ سينِ الثاني ونصبِه، ولا يَخْفَى توجيهُ ذلك كلِّه مِمَّا تقدَّمَ في هود.
قوله: ﴿قَوْمٌ مُّنكَرُونَ﴾ خبرُ مبتدأ مضمرٍ فقدَّروه: أنتم قومٌ، ولم يَسْتحسِنْه بعضُهم؛ لأنَّ فيه عَدَمَ أُنْسٍ فمثلُه لا يقعُ من إبراهيم عليه السلام، فالأَوْلَى أَنْ يُقَدَّر: هؤلاء قومٌ أو هم قومٌ، وتكون مقالتُه هذه مع أهلِ بيتِه وخاصَّتِه لا لنفسِ الضيفِ؛ لأنَّ ذلك يُوْحِشُهم.
وقوله: ﴿فَجَآءَ﴾ : عطفٌ على «فراغَ»، وتَسَبُّبُه عنه واضحٌ. والهمزةُ في «ألا تأكلون» للإِنكار عليهم في عَدَمِ أكلِهم، أو للعَرْضِ أو للتحضيضِ.


الصفحة التالية
Icon