قلت: لأنَّ الكلمةَ لَمَّا خَطَرَتْ ببالِه بعد التطلُّب لِم يتمالَكْ أَنْ نَطقَ بها مِنْ غيرِ تَثَبُّتٍ. فإنْ قلتَ: فلِمَ لَمْ يَتَوَ‍سَّطْ حرفُ العطفِ بين الجملتَيْن؟ قلت: لأنَّ الأخرى جَرَ‍تْ مِن الأولى مَجْرى التوكيدِ من المؤكَّد.
قوله: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ﴾ : هذا بدلٌ مِنْ قولِه: ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً﴾ قاله الزمخشري. فإنْ كان المرادُ بالصَّعودِ المشقةَ فالبدلُ واضحٌ، وإنْ كان المرادُ صخرةً في جهنَم، كما جاء في بعضِ التفاسير، فيَعْسُرُ البدلُ، ويكون فيه شَبَهٌ مِنْ بَدَلِ الاشتمالِ؛ لأنَّ جهنمَ مُشْتَمِلةٌ على تلك الصخرةِ.
قوله: ﴿لاَ تُبْقِي﴾ : فيه وجهان، أحدُهما: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال، والعامل فيها معنى التعظيمِ، قاله أبو البقاء، يعني أنَّ الاستفهامَ في قولِه ما سَقَرُ؟ للتعظيم فالمعنى: استعظموا سَقَرَ في هذه الحال. ومفعول «تُبْقي» و «تَذَرُ» محذوفٌ، أي: لا تُبقي ما أُلْقي فيها، ولا تَذَرُهُ، بل تُهْلِكُه. وقيل: تقديرُه لا تُبْقي على مَنْ أُلْقي فيها، ولا تَذَرُ غايةَ العذابِ إلاَّ وَصَلَتْه إليه. والثاني: أنها مستأنفةٌ.
قوله: ﴿لَوَّاحَةٌ﴾ : قرأ العامَّةُ بالرفع خبرَ مبتدأ مضمر، أي: هي لَوَّاحَةٌ. وهذه مُقَوِّيةٌ للاستئنافِ في «لا تُبْقي». وقرأ الحسن وابنُ أبي عبلة وزيدُ بن علي وعطيةُ العَوْفي بنَصْبِها على الحال،


الصفحة التالية
Icon