الخامس: أَنْ يكونَ الخبرُ لوجوه مقدراً، أي: وجوهٌ يومئذٍ ثَمَّ، و «ناضرةٌ» صفةٌ، وكذلك «ناظرةٌ»، قاله أبو البقاء. وهو بعيدٌ لعدمِ الحاجةِ إلى ذلك. ولا أدري ما الذي حَمَلهم على هذا مع ظهورِ الوجهِ الأولِ وخُلُوصِه من هذه التعسُّفاتِ؟ وكونُ «إلى» حرفَ جرّ، و «ربِّها» مجروراً بها هو المتبادَرُ للذِّهْنِ.
وقد خَرَّجه بعضُ المعتزلةِ: على أَنْ تكونَ «إلى» اسماً مفرداً بمعنى النِّعْمَةِ مضافاً إلى الرَّبِّ، ويُجمع على «آلاء» نحو: ﴿فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ١٣] وقد تقدَّم أنَّ فيه لغاتٍ أربعاً، و «ربِّها» خفضٌ بالإِضافةِ، و «إلى» مفعولٌ مقدمٌ ناصبُه «ناظرةٌ» بمعنى مُنْتَظرة. والتقدير: وجوهٌ ناضِرَةٌ منتظرةٌ نعمةَ ربِّها. وهذا فِرارٌ من إثباتِ النظر للَّهِ تعالى على مُعْتَقَدِهم.
والزمخشريُّ تمحَّل لمذهب المعتزلة بطريق أخرى من جهةِ الصناعةِ النحويةِ فقال بعد أن جَعَلَ التقديمِ في «إلى ربها» مُؤْذِناً بالاختصاص «والذي يَصِحُّ معه أَنْ يكونَ مِنْ قولِ الناس:» أنا إلى فلانٍ ناظرٌ ما يَصْنَعُ بي «يريد معنى التوقعِ والرجاءِ. ومنه قولُ القائل:
٤٤١٧ - وإذا نَظَرْتُ إليك مِنْ ملكٍ | والبحرُ دونَك زِدْتَني نِعَما |