قوله: ﴿إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ : متعلقٌ ب «خَلَقْتُ». واخْتُلف في الجن والإِنس: هل المرادُ بهم العمومُ، والمعنى: إلاَّ لأمْرِهم بالعبادة، ولِيقِرُّوا بها؟ وهذا منقولٌ عن عليّ، أو يكون المعنى: ليطيعونِ وينقادوا لقضائي، فالمؤمنُ يفعل ذلك طَوْعاً والكافرُ كَرْهاً، أو يكون المعنى: إلاَّ مُعَدِّين للعبادة. ثم منهم منْ يتأتَّى منه ذلك، ومنهم مَنْ لا كقولك: هذا القلمُ بَرَيْتُه للكتابة، ثم قد تكتب به وقد لا تكتب، أو المرادُ بهم الخصوص. والمعنى: وما خلقتُ الجنَّ والإِنس المؤمنين. وقيل: الطائعين. والأولُ أحسن.
قوله: ﴿أَن يُطْعِمُونِ﴾ : قيل: فيه حَذْفُ مضافٍ، أي: يُطعموا خَلْقي. وقيل: المعنى أَنْ ينفعونِ، فعبَّر ببعضِ وجوه الانتفاعات؛ لأنَّ عادةَ السادة أَنْ ينتفعوا بعبيدِهم، واللَّهُ سبحانه وتعالى مُسْتَغْنٍ عن ذلك.
قوله: ﴿المتين﴾ : العامَّةُ على رفعِه. وفيه أوجهٌ: إمَّا النعتُ للرزَّاق، وإمَّا النعتُ ل «ذو»، وإمَّا النعتُ لاسم «إنَّ» على الموضع، وهو مذهبُ الجَرْميِّ والفراءِ وغيرِهما، وإمَّا خبرٌ بعد خبرٍ، وإمَّا خبرُ مبتدأ مضمرٍ. وعلى كل تقدير فهو تأكيدٌ لأن «ذو القوة» يُفيد فائدتَه. وقرأ ابن محيصن «الرازق» كما قرأ «وَفِي السمآء رازِقُكُمْ» كما تقدَّم. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش «المتينِ» بالجر فقيل: صفة


الصفحة التالية
Icon