بدلاً منه، وأمَّا «أنْ يكونَ» مفعولَ أَحْسن وقد فُصِلَ بينهما بالجارِّ والمجرور: فإنْ كان الأولَ فلا يجوزُ؛ لأنَّه لم تُعْهَدْ زيادةُ الباءِ في مفعولِ أَفْعَلِ التعجبِ. لا تقول: ما أحسنَ بزيدٍ تريدُ: «ما أحسن زيداً». وإن كان الثاني ففي مثلِ هذا الفصل خلافٌ، والمنقولُ عن بعضهِم لا يجوزُ، والمُوَلَّدُ مِنَّا ينبغي إذا تكلَّم أن يَتَحَرَّزَ في كلامِه ممَّا فيه خلافٌ «. قلت: وأيُّ غَرَضٍ له في تتبُّعٍ كلامِ هذا الرجل، حتى في هذا الشيءِ اليسيرِ؟ على أنَّ الصحيحَ جوازُه، وهو المسموعُ من العربِ نثراً. قال عمروُ ابن معديكرب:» للَّهِ دَرُّ بني فلانٍ ما أشَدَّ في الهيجاءِ لقاءَها، وأَثْبَتَ في المَكْرُمات بقاءَها، وأحسنَ في اللَّزَبات عطاءَها «والتشاغلُ بغير هذا أَوْلى.
قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ «نحن» توكيداً لاسم «إنَّ»، وأَنْ يكونَ فَصْلاً و «نَزَّلْنا» على هَذَيْن الوجهَيْن هو خبرُ «إنَّ»، ويجوزُ أَنْ يكونَ «نحن» مبتدأً و «نَزَّلْنا» خبرُه، والجملةُ خبرُ «إنَّ». وقال مكي: «نحنُ» في موضع نصبٍ على الصفةِ لاسم «إنَّ»، لأنَّ المضمرَ يُوصَفُ بالمضمر؛ إذ هو بمعنى التأكيدِ لا بمعنى التَّحْلية، ولا يُوْصَفُ بالمُظْهَرِ؛ لأنه بمعنى التَّحْلية، والمضمرُ مُسْتَغْنٍ عن التَّحْلية؛ لأنَّه لم يُضْمَرْ إلاَّ بعد أن عُرِفَ تَحْلِيَتُه وعينُه فهو محتاجٌ إلى التأكيدِ لتأكُّدِ