وقرأ نافعٌ والكوفيون «تَشاؤُون» خطاباً لسائر الخَلْقِ أو على الالتفاتِ من الغَيْبة في قولِه: «نحن خَلَقْناهم». والباقون بالغَيبة جَرْياً على قولِه: «خَلَقْناهم» وما بعدَه.
قوله: ﴿والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ﴾ : منصوبٌ على الاشتغال بفعلٍ يُفَسِّرُه «أعدَّ لهم» من حيث المعنى لا من حيث اللفظُ، تقديرُه: وعَذَّبَ الظالمين، ونحوُه: «زيداً مَرَرْتُ به»، أي: جاوَزْتُ ولابَسْتُ. وكان النصبُ هنا مُختاراً لِعَطْف جملةِ الاشتغالِ على جملةٍ فعليةٍ قبلَها، وهي قولُه: «يُدْخِلُ». وقرأ الزبير وأبان بن عثمان وابن أبي عبلة «والظَّالمون» رَفْعاً على الابتداءِ، وما بعده الخبرُ، وهو مرجوحٌ لعدم المناسبةِ. وقرأ ابنُ مسعودٍ «وللظالمين» بلام الجرِّ. وفيه وجهان، المشهورُ: أَنْ يكونَ «للظَّالمين» متعلِّقاً ب «أَعَدَّ» بعده/ ويكونَ «لهم» تأكيداً. الثاني: وهو ضعيفٌ جداً أَنْ يكونَ مِنْ بابِ الاشغال، على أَنْ تُقَدِّر فعلاً مثلَ الظاهرِ، ويُجَرَّ الاسمُ بحرفِ جرٍّ. فنقول: «بزيدٍ مررتُ به»، أي: مررتُ بزيدٍ مررتُ به. والمعروفُ في لغة العربِ مذهبُ الجمهورِ، وهو إضمارُ فِعْلٍ ناصبٍ موافقٍ للفعل الظاهرِ في المعنى. فإنْ وَرَدَ نحوُ «بزيدٍ مَرَرْتُ به» عُدَّ من التوكيدِ، لا من الاشتغالِ.