ثم كان مقتضى القول أن يُجيبَ مُجيبٌ، فيقولَ: يتساءلون عن النبأ العظيم، فاقتضى إيجازُ القرآنِ وبلاغتُه أَنْ يبادِرَ المحتَجُّ بالجوابِ التذي تقتضيه الحالُ والمحاورةُ اقتضاباً للحُجَّة، وإسراعاً إلى مَوْضِعِ قَطْعِهم». والثاني: أنَّه متعلِّقٌ بفعلٍ مقدرٍ ويتعلَّقُ ﴿عَنِ النبإ العظيم﴾ بهذا الفعلِ الظاهرِ. قال الزمخشري: «وعن ابن كثيرٍ أنه قرأ» عَمَّهْ «بهاءِ السَّكْتِ. ولا يَخْلو: إمَّا أَنْ يجريَ الوصلُ مَجْرى الوقفِ، وإمَّا أَنْ يقفَ ويَبْتَدِىءَ ﴿يَتَسَآءَلُونَ عَنِ النبإ العظيم﴾ على أَنْ يُضْمَرَ» يتساءلون «؛ لأنَّ ما بعده يُفَسِّرُه كشيءٍ يُبْهَمُ ثم يُفَسَّرُ».
قوله: ﴿عَنِ النبإ﴾ : يجوزُ فيه ما جازَ في قولِه ﴿لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ﴾ [المرسلات: ١٣] في البدليةِ والتعلُّقِ بفعلٍ مقدَّرٍ. ويَزيد عليه هنا أنَّه يتعلَّقُ بالفعل الظاهرِ، ويتعلَّقُ ما قبلَه بمضمرٍ، كما تقدَّم عن الزمخشريِّ. وقال ابن عطية: «قال أكثرُ النحاة: قوله: ﴿عَنِ النبإ العظيم﴾ متعلِّقٌ ب» يتساءلون «الظاهرِ، كأنَّه قال: لِمَ يتساءلون عن النبأ» ؟ وقوله: «عَمَّ» هو استفهامُ تفخيمٍ وتعظيمٍ.
قوله: ﴿الذي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ :«مُخْتلفون» خبرُ «هم» والجارُّ متعلِّقٌ به. والموصولُ يحتملُ الحركاتِ الثلاثَ إتْباعاً وقَطْعاً رفعاً ونصباً.


الصفحة التالية
Icon