لأَشْرافِهم، ويجوزُ أَنْ تكونَ الأَوَّليةُ والتقدمُ عندهم لِلاَّت والعُزَّى». انتهى. وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الأخرى إنما تدلُّ على الغَيْرِيَّة وليس فيها تَعَرُّضٌ لمَدْح ولا ذَمٍّ، فإن جاء شيءٌ مِنْ هذا فلقرينةٍ خارجيةٍ. وقيل: الأُخْرى صفةٌّ للعُزَّى؛ لأنَّ الثانيةَ أُخْرى بالنسبة إلى الأُوْلى. وقال الحسين ابن الفضل: «فيه تقديمٌ وتأخيرٌ» أي: العُزَّى الأخرى ومناةَ الثالثة، ولا حاجةَ إلى ذلك لأنَّ الأصلَ عدمُه.
و «أرأيت» بمعنى أَخْبِرْني فيتعدَّى لاثنين، أوَّلُهما: «اللات وما عُطِف عليها. والثاني: الجملةُ الاستفهاميةُ مِنْ قولِه:» أَلكُمُ الذَّكَرَ «فإنْ قيل: لم يَعُدْ من هذه الجملةِ ضميرٌ على المفعول الأولِ. فالجوابُ: أنَّ قولَه:» وله الأنثى «في قوةِ» وله هذه الأصنامُ «وإن كان أصلُ التركيبِ: ألكم الذَّكَر وله هُنَّ، أي: تلك الأصنامُ، وإنما أُوْثِرَ هذا الاسمُ الظاهرُ لوقوعِه رَأْسَ فاصلةٍ. /
وقد جَعَلَ الزجَّاجُ المفعولَ الثاني محذوفاً فإنَّه قال:» وجهُ تَلْفيقِ هذه الآيةِ مع ما قبلَها فيقول: أَخْبِروني عن آلهتِكم هل لها شيءٌ من القدرةِ والعظمة التي وُصِفَ بها ربُّ العزَّةُ في الآي السالفة «انتهى. فعلى هذا يكونُ قولُه:» ألكم الذَّكَرُ «متعلقاً بما قبلَه من حيث المعنى، لا من حيث الإِعرابُ. وجَعَل ابنُ عطية الرؤية هنا بَصَريةً فقال:» وهي من رؤيةِ العين؛ لأنَّه أحال على أَجْرام مرئيةٍ، ولو كانَتْ «أَرَأَيْتَ» التي هي استفتاءٌ لم تَتَعَدَّ «وهذا كلامٌ مُثْبَجٌ، وقد تقدَّم لك الكلامُ عليها مُشْبَعاً في الأنعام وغيرها.