حالاً ولا مستقبلاً. وهم كذلك إذ حَتَم الله تعالى موافاتَهم على الكفر. ولَمَّا قال:» لا أعبدُ ما تبعدون «فأطلق» ما «على الأصنامِ قابلَ الكلام ب» ما «في قولِه» ما أعبد «وإنْ كان المرادُ بها اللَّهَ تعالى؛ لأنَّ المقابلةَ يسوغُ فيها ما لا يَسُوغ في الانفرادِ. وهذا على مذهبِ مَنْ يقول: إنَّ» ما «لا تقع على آحادِ أولي العلمِ. أمَّا مَنْ يُجَوِّزُ ذلك - وهو مذهبُ سيبويهِ - فلا يَحْتاج إلى الاستعذارِ بالتقابلِ».
قوله: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ أتى بهاتَيْنِ الجملتين الإِثباتِيَّتَيْن بعد جملٍ منفيةٍ؛ لأنه لَمَّا كان الأهمُّ انتفاءَه عليه السلام مِنْ دينهم بدأ بالنفي في الجملِ السابقةِ بالمنسوبِ إليه، فلمَّا تحقَّقَ النفيُ رَجَعَ إلى خطابِهم بقولِه ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ مهادنةً لهم، ثم نَسَخَ ذلك بالأمرِ بالقتال.
وفتح الياءَ مِنْ «لي» نافعٌ وهشامٌ وحفصٌ والبزيُّ بخلافٍ عنه، وأسكنها الباقون، وحَذَفَ ياءَ الإِضافةِ مِنْ «ديني» وقفاً ووَصْلاً السبعةُ وجمهور القراء، وأثبتها في الحالَيْن سلامٌ ويعقوب، وأمرُها واضحٌ ممَّا تقدَّم.


الصفحة التالية
Icon