فيكونُ قد أكَّد الصلةَ وحدَها، كقولك: «الذي قام قام زيدٌ» والمرادُ بالإِنسانِ الجنسُ ولذلك قال: ﴿مِنْ عَلَقٍ﴾ جمعَ عَلَقة؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مخلوقٌ مِنْ عَلَقَةٍ كما في الآية الآخرى.
وقوله: ﴿الذى عَلَّمَ بالقلم عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ : قريبٌ مِنْ قولِه: «خَلَق، خلَق الإِنسانَ» فلكَ أَنْ تُعيدَ فيه ما تقدَّم.
قوله: ﴿أَن رَّآهُ﴾ :«أنْ» مفعولٌ له، أي: لرؤيتِه نفسَه مُسْتَغْنياً. وتعدى الفعلُ هنا إلى ضميرَيْه المتصلَيْن؛ لأنَّ هذا مِنْ خواصِّ هذا البابِ. قال الزمخشري: «ومعنى الرؤيةِ العِلْمُ لو كانَتْ بمعنى الإِبصارِ لامتنعَ في فِعْلِها الجمعُ بين الضميرَيْن، و» استغنى «هو المفعول الثاني». قلت: والمسألةُ فيها خلافٌ: ذهب جماعةٌ إلى أنَّ «رأى» البَصَرية تُعْطي حُكْمَ العِلْمَّية، وجَعَل مِنْ ذلك قولَ عائشةَ - رضي اللَّهُ عنها - «لقد رَأَيْتُنا مع رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما لنا طعامٌ إلاَّ الأسْوَدان» وأنشد:
٤٦٠٥ - ولقد أَراني للرِّماح دَرِيْئَةً | مِنْ عَنْ يمين تارةً وأمامي |