وكفاك دليلاً قاطِعاً على أنه للاستقبالِ، وأنَّ تفسيرَه بالحالِ مُحالٌ، أنَّ السورةَ بالاتفاقِ مكيةٌ، وأين الهجرةُ عن وقتِ نزولِها فما بالُ الفتحِ؟ وقد ناقشه الشيخ بما لا يَتَّجِهُ، ورَدَّ عليه قولَه الإِجماعَ على نزولِها بمَكةَ بخلافٍ حكاه ابنُ عطية.
الثاني من الوجَهْين الأوَّلَيْن. أنَّ الجملةَ حاليةٌ، أي: لا أُقْسِمُ بهذا البلدِ وأنت حالٌّ بها لعِظَمِ قَدْرِك، أي: لا يُقْسِمُ بشيءٍ وأنت أحَقُّ بالإِقسام بك منه. وقيل: المعنى لا أٌقْسِم به وأنت مُسْتَحَلٌّ فيه، أي: مُسْتَحَلٌّ أَذاك. وتقدَّم الكلام في مثلِ» لا «هذه المتقدِّمةِ فِعْلَ القسمِ.
قوله: ﴿وَمَا وَلَدَ﴾ : قيل: «ما» بمعنى «مَنْ» وقيل: مصدريةٌ. أَقْسَم بالشخص وفِعْلِه. وقال الزمخشري: «فإنْ قلتَ: هَلاَّ قيل: ومَنْ وَلَدَ. قلت: فيه ما في قولِه ﴿والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ﴾ [آل عمران: ٣٦]، أي: بايِّ شيءٍ وَضَعَتْ، أي: موضوعاً عجيبَ الشأن» وقيل: «ما» نافيةٌ فتحتاج إلى إضمارِ موصولٍ، به يَصِحُّ الكلامُ تقديره: والذي ما وَلَدَ؛ إذ المرادُ بالوالد مَنْ يُوْلدُ له، وبالذي لم يَلِدْ العاقرُ، قال: معناه ابنُ عباس وتلميذُه ابنُ جُبير وعكرمة.
قوله: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا﴾ : هذا هو المُقْسَمُ عليه والكَبَدُ: المَشقةُ. قال الزمخشري: «وأصلُه مِنْ كَبِدَ الرجلُ كَبَداً فهو أكبدُ، إذا


الصفحة التالية
Icon