تُحَدِّثُ «؟ قلت: حُذِفَ أَوَّلُهما، والثاني:» أخبارَها «، وأصله: تُحَدِّث الخلقَ أخبارَها. إلاَّ أنَّ المقصودَ ذِكْرٌ تَحْديثِها الأخبارَ لا ذِكْرُ الخَلْقِ تعظيماً لليوم. فإنْ قلت: بمَ تَعَلَّقَتِ الباءُ في قولِه» بأنَّ ربَّك «؟ قلت: بتُحَدِّثُ؛ لأنَّ معناه: تُحَدِّثُ أخبارَها بسببِ إيحاءِ رَبِّك. ويجوزُ أَنْ يكونَ المعنى: تُحَدِّثُ ربَّك بتحديثِ أنَّ ربَّك أوحى لها أخبارَها، على أنَّ تَحْديثَها بأنَّ ربَّك أوحى لها تَحْديثٌ بأخبارِها، كما تقول: نَصَحْتَني كلَّ نصيحة بأَنْ نَصَحْتَني في الدين» قال الشيخ: «وهو كلامٌ فيه عَفْشٌ يُنَزَّه القرآنُ عنه». قلت: وأيُّ عَفْشٍ فيه مع صِحَّته وفصاحتِه؟ ولكنْ لَمَّا طالَ تقديرُه مِنْ جهةِ إفادتِه هذا المعنى الحسنَ جَعَله عَفْشاً وحاشاه.
ثم قال الزمخشريُّ: «ويجوزُ أَنْ يكونَ» بأنَّ ربَّك «بدلاً مِنْ» أخبارَها «كأنه قيل: يومئذٍ تُحَدِّثُ بأخبارِها بأنَّ ربَّك أوحى لها؛ لأنَّك تقول: حَدَّثْتُه كذا، وحَدَّثْتُه بكذا» قال الشيخ: «وإذا كان الفعلُ يتعدَّى تارةً بحرفِ جرٍّ، وتارةً يتعدى بنفسِه، وحرفُ الجرِّ ليس بزائدٍ، فلا يجوزُ في تابِعه إلاَّ الموافقةُ في الإِعرابِ فلا يجوز:» استغفَرْتُ الذنبَ العظيمِ «بنصبِ» الذنبَ «وجَرِّ» العظيم «لجواز أنَّك تقولُ» من الذنب «، ولا» اخْتَرْتُ زيداً الرجالَ الكرامِ «بنصبِ الرجالَ» وخَفْضِ الكرامِ «، وكذلك لا يجوزُ اَنْ تقولَ:» استغفرتُ من الذنبِ العظيمَ «بنصبِ» العظيمَ «وكذلك في» اخْتَرْتُ «فلو كان حرفُ الجر زائداً جاز الإِتباعُ


الصفحة التالية
Icon