الثعلبِ فاسْتُعير للخيلِ، وهو مِنْ ضَبَحَتْه النارُ: أي غَيَّرت لونَه ولم تُبالغْ فيه. والضَّبْحُ لونٌ يُغَيِّرُ إلى السواد قليلاً.
الثالث: من الأوجه: أَنْ يكونَ منصوباً بفعلٍ مقدرٍ، أي: تَضْبَحُ ضَبْحاً. وهذا الفعلُ حالٌ من «العاديات».
الرابع: أنَّه منصوبٌ بالعادِيات، وإنْ كان المرادُ به الصوتَ. قال الزمخشري: «كأنَّه قيل: والضَّابحاتِ لأنَّ الضَّبْحَ يكون مع العَدْوِ». قال الشيخ: «وإذا كان الضَّبْحُ مع العَدْوِ فلا يكون معنى» والعادياتِ «: والضَّابحاتِ فلا ينبغي أن يُفَسَّرَ به». قلت: لم يَقُلْ الزمشخريُّ أنه بمعناه، وإنما جعله منصوباً به؛ لأنه لازمٌ له لا يُفارِقُه فكأنَّه ملفوظٌ به. وقوله: «كأنه قيل» تفسيرٌ للتلازُمِ، لا أنه هو هو.
قوله: ﴿قَدْحاً﴾ : يجوزُ أَنْ يكونَ مصدراً مؤكِّداً؛ لأنَّ الإِيراء من القَدْح يقال: قَدَحَ فَأَوْرَى وقَدَح فأَصْلَدَ. ويجوزُ أَنْ يكونَ حالاً فالمعنى: قادحاتٍ، أي: صاكَّاتٍ بحوافِرها ما يُوْرِي النارَ يُقال: «قَدَحْتُ الحجرَ بالحجرِ» أي: صَكَكْتُه به. وقال الزمخشري: «انتصَبَ بما انتصَبَ به ضَبْحاً». وكان جَوَّزَ في نَصْبِه ثلاثةَ أوجهٍ: النصبَ بإضمارِ فعلٍ، والنصبَ باسمِ الفاعلِ قبلَه، لأنه مُلازِمُه، والنصبَ على الحال. وتُسَمَى تلك النارُ التي تَخْرُج من الحوافرِ نارَ الحُباحِب. قال: