وقال أبو البقاء: «إنها معطوفةٌ على» أُشْرِبوا «أو على» نَبَذَ فريقٌ «، وهذا ليس بظاهر، لأنَّ عطفَها على» نَبَذَ «يقتضي كونَها جواباً لقولِه: ﴿وَلَمَّا جَآءَهُمْ رَسُولٌ﴾ واتِّباعُهم لِما تتلو الشياطينُ ليس مترتِّباً على مجيء الرسولِ بل كان اتِّباعُهم لذلك قبله، فالأَوْلَى أن تكونَ معطوفةً على جملةٍ لا كما تقدم. و» ما «موصولةٌ، وعائدُها محذوفٌ، والتقديرُ: تَتْلوه. وقيل:» ما «نافيةٌ وهذا غَلَطٌ فاحش لا يَقْتَضِيه نَظْمُ الكلامِ البتةَ، نقل ذلك ابنُ العربي. و» يَتْلو «في معنى تَلَتْ فهو مضارعٌ واقعٌ موقعَ الماضي كقوله:

٦٣٩ - وإذا مَرَرْتَ بقبرِه فاعْقِرْ بِه كُوَمَ الهِجانِ وكلَّ طَرْفٍ سابحِ
وانضَحْ جوانِبَ قبرِه بدِمائِها فَلَقَدْ يكونُ أخا دمٍ وذَبائحِ
أي: فلقَدْ كان، وقال الكوفيون: الأصلُ: ما كانت تَتْلو الشياطينُ، ولا يريدونَ بذلك أنَّ صلةَ» ما «محذوفةٌ، وهي» كانَتْ «، و» تتلو «في موضعِ الخبرِ، وإنما قَصَدوا تفسيرَ المعنى، وهو نظيرُ:» كانَ زيدٌ يقوم «المعنى على الإِخبار بقيامِه في الزمنِ الماضي
وقرأ الحسن والضحاك:»
الشياطُون «إجراءً له مُجْرى جَمْعِ السلامةِ، قالوا: وهو غَلَطٌ. وقال بعضُهم: لَحْنٌ فاحِشٌ. وحكى الأصمعي:» بُستانُ فلانٍ حولَه بَساتُون «وهو يُقَوِّي قراءَةَ الحسن.
قوله: ﴿على مُلْكِ سُلَيْمَانَ﴾ فيه قولان: أحدُهما: أنه على معنى في، أي: في زمنِ ملكِه، والمُلْكُ هنا شَرْعُه. والثاني: أَنْ يُضَمَّن تَتْلو معنى:


الصفحة التالية
Icon