وهي الأرض؛ كأنَّ كلَّ واحد من المتجادِلَيْن يرمي صاحبه بالجَدالَةِ، قال الشاعر:

٨٨٦ - قد أَرْكَبُ الآلَةَ بعدَ الآلَهْ وأترُكُ العاجِزَ بالجَدَالَهْ
ومنه:» الأجْدل «الصقر، لشِدَّته. والجَدْلُ فَتْلُ الحَبْل، ومنه: زِمامٌ مجدولٌ أي مُحْكَمُ الفَتْلِ.
قولُه: ﴿وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ﴾ تقدَّم الكلامُ على نظيرتها، وهي: ﴿مَا نَنسَخْ﴾، فكلُّ ما قيلَ ثَمَّ يُقال هنا. قال أبو البقاء:»
ونزيدُ هنا وجهاً آخرَ: وهو أن يكونَ «منْ خير» في محلِّ نصبٍ نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ، تقديرُه: وما تفعلوا فعلاً كائناً مِنْ خيرٍ «.
و»
يَعْلَمْه «جزمٌ على جوابِ الشرطِ، ولا بُدَّ من مجازٍ في الكلام: فإمَّا أن يكون عَبَّر بالعلمِ عن المُجازاة على فِعْلِ الخير، كأنه قيل: يُجازِكم، وإمَّا أَنْ تُقَدِّر المجازاةَ بعد العلمِ أي: فيثيبه عليه.
وفي قوله: ﴿وَمَا تَفْعَلُواْ﴾ التفاتٌ؛ إذ هو خروجٌ مِنْ غَيْبَةٍ في قولِه:»
فَمَنْ فَرَض «. وحُمِلَ على معنى» مَنْ «إذ جَمَعَ الضميرَ ولم يُفْرِدْه.
وقد خَبَط بعضُ المُعْرِبين فقال:»
مِنْ خير «متعلقٌ بتَفْعلوا، وهو في موضعِ نصبٍ نعتاً لمصدرٍ محذوفٍ، تقدرُه:» وما تفعلوه فعلاً مِنْ خير «والهاءُ في» يَعْلَمْه «تعودُ إلى» خير «. وهذا غلطٌ فاحشٌ؛ لأنه من حيثُ عَلَّقه بالفعلِ


الصفحة التالية
Icon