وجُمِعَ حَمْلاً على المعنى، نحو قولِه: ﴿فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]، فإن قيل: المعطوفُ عليه منفيٌّ فيَلْزَمُ أَنْ يكونَ «فيتعلَّمون» منفياً أيضاً لعطفِه عليه وحينئذٍ ينعكسُ المعنى. فالجوابُ ما قالوه وهو أَنَّ ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حتى يَقُولاَ﴾ وإنْ كان منفيَّاً لفظاً فهو موجَبٌ معنىً لأنَّ المعنى: يَعَلِّمان الناسَ السحرَ بعدَ قولِهما: إنما نحنُ فتنةٌ، وهذا الوجهُ ذكره الزجاجُ وغيرُه.
الثاني: أنه معطوفٌ على ﴿يُعَلِّمُونَ الناس السحر﴾ قاله الفراء. وقد اعترَضَ الزجاجُ هذا القولَ بسبب لفظِ الجمع في «يُعَلِّمون» مع إتيانِه بضميرِ التثنية في «منهما»، يعني فكانَ حقه أنْ يُقالَ: «منهم» لأجلِ «يَعَلِّمون»، وأجازَه أبو عليّ وغيرُه، وقالوا: لا يمتنع عَطْفُ «فيتعلَّمون» على «يُعَلِّمون» وإن كان التعليمُ من المَلَكَيْنِ خاصةً، والضميرُ في «منهما» راجعٌ إليهما، فإنَّ قوله «منهما» إنما جاء بعدَ تقدُّم ذِكْرِ المَلَكَيْنِ.
وقد اعتُرِضَ على قولِ الفراء من وجهٍ آخرَ: وهو أنَّه يَلْزَمُ منه الإِضمارُ قبلَ الذكرِ، وذلك أَنَّ الضميرَ في «مِنهما» عائدٌ على المَلَكَيْن وقد فرضتم أنّ «فيتعلَّمون منهما» عَطْفٌ على «يُعَلِّمون» فيكونُ التقديرُ: «يُعَلِّمون الناسَ السحرَ فيتعلَّمون منهما» فيلزم الإِضمارُ في «منهما» قبلَ ذِكْرِ المَلَكَيْنِ، وهو اعتراضٌ واهٍ فإنَّهما متقدِّمان لفظاً، وتقديرُ تأخُّرِهما لا يَضُرُّ، إذ المحذورُ عَوْدُ الضميرِ على غيرِ مذكورٍ في اللفظ.
الثالث: - وهو أحدُ قَولَيْ سيبويه - أنه عَطْفٌ على «كفروا»، و «كفروا» فِعْلٌ في موضعِ رفعٍ، فلذلك عُطِفَ عليهِ فعلٌ مرفوعٌ، قال سيبويه: «وارْتفَعَتْ» فيتعلَّمون «لأنه لم يُخْبِرْ عن المَلَكَيْن أنهما قالا: لا تَكْفُرْ