تَخُصُّ حكايةً الحالِ بقراءةِ الجمهورِ، وعبارَةَ آخرين تَخُصُّها بقراءةِ نافع. قال أبو البقاء في قراءةِ الجمهور: «والفعلُ هنا مستقبلٌ حُكِيت به حالُهم والمعنى على المُضِيِّ» وكان قد تقدَّم أنه وجَّه الرفعَ بأنَّ «حتى» للتعليلِ.
قوله: «معه» هذا الظرفُ يجوزُ أن يكونَ منصوباً بيقول، أي: إنهم صاحبوه في هذا القولِ وجامَعُوه فيه، وأن يكونَ منصوباً بآمنوا، أي: صاحبوه في الإِيمانِ.
قوله: ﴿متى نَصْرُ الله﴾ «متى» منصوبٌ على الظرفِ فموضعُهُ رفعٌ خبراً مقدماً، و «نصرٌ» مبتدأٌ مؤخرٌ. وقال أبو البقاء: «وعلى قولِ الأخفش موضعُه نصبٌ على الظرفِ و» نصرُ «مرفوعٌ به». و «متى» ظرفُ زمانٍ لا يَتَصَرَّفُ إلا بجرِّه بحرفٍ.
وهو مبنيٌّ لِتَضَمُّنِهِ: إما لِمَعْنَى همزة الاستفهام وإمَّا معنى «مَنْ» الشرطية، فإنه يكونُ اسمَ استفهامٍ، ويكونُ اسمَ شرطٍ فيجزمُ فعلين شرطاً وجزاءً.
والظاهرُ أنَّ جملةَ ﴿متى نَصْرُ الله﴾ من قولِ المؤمنينَ، وجملةَ ﴿ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ من قولِ الرسولِ، فَنُسِبَ القولُ إلى الجميعِ إجمالاً، ودلالةُ الحالِ مبيِّنَةٌ للتفصيلِ المذكور. وهذا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ زَعَم أَن في الكلامِ تقديماً وتأخيراً، والتقديرُ: حتى يقولَ الذين آمنوا ﴿متى نَصْرُ الله﴾ فيقولُ الرسولُ «إلا إنَّ»، فَقُدِّمَ الرسولُ لمكانَتِهِ، وقُدِّم المؤمنون لتقدُّمِهِم في الزمان. قال ابن عطية: «هذا تَحَكُّمٌ وحَمْلُ الكلامِ على غير وجهِهِ»


الصفحة التالية
Icon