وغيرُه، وهو مترتِّبٌ على عَوْدِ الضميرِ في «عَلِمُوا» و «يَعْلَمُون»، وذلك أنَّ الزمخشري قال: «فإنْ قلتَ: كيف أَثْبَتَ لهم العلمَ أولاَّ في» ولقد عَلِمُوا «على سبيلِ التوكيد القسمي، ثم نفاه عنهم في قولِه: ﴿لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ ؟ قلت: معناه: لو كانوا يَعْمَلون بعِلْمِهم، جَعَلهم حينَ لم يَعْلَموا به كأنهم مُنْسلخون عنه» وهذا بناءً منه على أنَّ الضميرين في «عَلِموا» و «يَعْلَمون» لشيءٍ واحدٍ. وأجابَ غيرُه على هذا التقدير بأن المرادَ بالعلم الثاني العقلُ لأنَّ العِلْمَ مِنْ ثمرتِه، فلمَّا انتفَى الأصلُ انتفى ثمرتُه، أو يغايِرُ بين متعلَّقِ العِلْمين أي: عَلِموا ضرره في الآخرةِ ولم يعلموا نَفْعَه في الدنيا، وأمَّا إذا أَعَدْتَ الضميرَ في «عَلِموا» على الشياطين أو على مَنْ بحضرةِ سليمانَ أو على المَلَكَين فلا إشكالَ لاختلافِ المُسْنَد إليه العلمُ حينئذ.
قوله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ﴾ :«لو» هنا فيها قولان، أحدُهما: أنها على بابِها من كوِنها حرفاً لِما كان سيقع لوقوعِ غيره، وسيأتي الكلامُ في جوابها. وأجاز الزمخشري أن تكونَ للتمني أي: ليتهم آمنوا على سبيل المجازِ عن إرادةِ الله إيمانَهم واختيارَهم له، فعلى هذا لا يَلْزَمُ أن يكونَ لها جوابٌ لأنها قد تُجابُ بالفاءِ حينئذٍ، وفي كلامِه اعتزالٌ موضعُه غيرُ هذا الكتابِ.
و «أنهم آمنوا» مؤولٌ بمصدرٍ، وهو في محلِّ رفعٍ، واختُلِفَ في ذلك على قَولَيْن، أحدُهما - وهو قولُ سيبويه - أنَّه في محلِّ رفعٍ بالابتداء وخبرُه محذوفٌ، تقديرُه: ولو إيمانُهم ثابتٌ، وشَذَّ وقوعُ الاسمِ بعد لو، وإنَّ كانت مختصةً بالأفعال، كما شَذَّ نصبُ «غُدْوَةً» بعد «لَدُنْ». وقيل: لا يَحْتاج هذا المبتدأ إلى خبرٍ لجَريانِ لفظِ المسندِ والمسندِ إليه في صلةِ «أَنَّ»، وصَحَّح