قوله: «انظُرْنا» الجملةُ أيضاً في محلِّ نَصْبٍ بالقولِ، والجمهورُ على «انظُرْنا» بوصلِ الهمزةِ وضَمِّ الظاء أمراً من الثلاثي، وهو نظرٌ من النَّظِرَة وهي التأخير، أي: أَخِّرْنا وتأنَّ علينا، قال امرؤ القيس:

٦٦٨ - فإنَّكما إنْ تَنْظُرانيَ ساعةً من الدَّهْرِ يَنْفَعْني لدى أمِّ جُنْدَبِ
وقيل: هو من نَظَر أي: أبْصَرَ، ثم اتُّسِعَ فيه فَعُدِّيَ بنفسِه لأنه في الأصلِ يَتَعدَّى ب «إلى»، ومنه:
٦٦٩ - ظاهراتُ الجَمالِ والحُسْنِ يَنْظُرْ نَ كما يَنْظُرُ الأَراكَ الظباءُ
أي: إلى الأراك، وقيل: مِنْ نَظَر أي: تفكر ثم اتُّسِعَ فيه أيضاً فإنَّ أصلَه أَنْ يتعدَّى بفي، ولا بدَّ من حَذْفِ مضافٍ على هذا أي: انظُرْ في أمرنا وقرأ أُبيّ والأعمش: «أَنْظِرْنَا» بفتحِ الهمزةِ وكسرِ الظاءِ أمراً من الرباعي بمعنى: أَمْهِلْنا وأخِّرْنا، قال الشاعر:
٦٧٠ - أبا هندٍ فلا تَعْجَلْ عَلَيْنا وأَنْظِرْنا نُخْبِّرْكَ اليَقينا
أي: أَمْهِلْ علينا، وهذا القراءةُ تؤيِّد أنَّ الأولَ من النَّظْرةِ بمعنى التأخير لا من البصرِ ولا من البصيرةِ، وهذه الآيةُ نَظيرُ التي في الحديد:: انظُرونا نقتبسْ «فإنها قُرِئَتْ بالوَجْهَيْنِ.
قوله تعالى: ﴿مِنْ أَهْلِ الكتاب﴾ : في «مِنْ» قولان: أحدهُما: أنها للتبعيضِ فتكونُ هي ومجرورُها في محلِّ نصبٍ على الحال


الصفحة التالية
Icon