جوابُ «لَمَّا» إنْ قلنا إنَّها حرفٌ، وعاملةٌ في «لَمَّا» إن قلنا إنها ظرفٌ، و «تبيَّن» على هذا القولِ مخفوضٌ بالظرفِ، ولم يذكر النحاةُ التنازعَ في نحو: «لو جاء قتلتُ زيداً» ولا «لَمَّا جاء ضربتُ زيداً» ولا «حين جاء قتلتُ زيداً» ولا «إذا جاء قتلت زيداً»، ولذلك حَكَى النحاةُ أنَّ العربَ لا تقول: «أَكْرَمْتُ أهنتُ زيداً» - يعني لعدمِ الاشتراكِ بين العاملين - وقد ناقضَ قولَه حيث جَعَل الفاعلَ محذوفاً كما تقدَّم في عبارتِهِ، والحذفُ ينافي الإِضمارَ، فإنْ كان أرادَ بالإِضمارِ في قوله: «وفاعل تبيَّن مضمرٌ» الحذفَ فهو قول الكسائي، لأنه لا يُجيز إضمارَ المرفوع قبلَ الذكر فيدَّعي فيه الحذفَ ويُنْشِدُ:

١٠٥٦ - تَعَفَّقَ بالأَرْطى لها وأرادَها رجالٌ فَبَذَّت نبلَهم وكَلِيبُ
ولهذا تأويلٌ مذكورٌ، ورُدَّ عيه بالسماع قال:
١٠٥٧ - هَوَيْنَنِي وهَوَيْتُ الخُرَّدَ العُرُبا أزمانَ كنتُ منوطاً بي هوىً وصِبا
فقال: «هَوَيْنَنِي» فجاءَ في الأول بضمير الإِناث من غيرِ حذفٍ. انتهى ما رُدَّ به عليه، وفيه نَظَرٌ لا يَخْفى.
وقرأ ابن عباس: «تُبُيِّن» مبنياً للمفعولِ، والقائمُ مقامَ الفاعلِ الجارُّ والمجرورُ بعدَه. ابنُ السَّمَيْفَع «يُبَيِّن» من غيرِ تاءٍ مبنياً للمفعولِ، والقائمُ مقامَه ضميرُ كيفيةِ الإِحياء أو الجارُّ والمجرورُ.


الصفحة التالية