قوله: ﴿إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ﴾ يجوزُ فيه الوجهان السابقان من كونِها نافيةً وشرطيةً، وجوابُها محذوفٌ تقديرُه: «فبِئْسَما يَأْمرُكم». وقيلَ: تقديرُه: فلا تقتلوا أنبياءَ الله ولا تُكّذِّبوا الرسلَ ولا تكتمُوا الحقَّ، وأَسْندَ الإِيمانَ إليهم تَهَكُّماً بهم، ولا حاجةَ إلى حَذْفِ صفةٍ أي: إيمانُكم الباطلُ، أو حَذْفِ مضافٍ أي: صاحبُ إيمانكم. وقرأ الحسن: «بِهُو إيمانُكُمْ» بضم الهاءِ مع الواو وقد تقدَّم أنِّها الأصل.
قوله تعالى: ﴿إِن كَانَتْ لَكُمُ الدار الآخرة عِندَ الله خَالِصَةً﴾ : شَرْطٌ جوابُه: «فَتَمَنَّوُا» و «الدارُ» اسمُ كان وهي الجنةُ. والأَوْلَى أن يُقَدَّر حَذْفُ مضافٍ، أي: نَعيمُ الدارِ، لأنَّ الدارَ الآخِرةَ في الحقيقةِ هي انقضاءُ الدنيا وهي للفريقَيْن. واختلفوا في خبر «كان» على ثلاثةِ أقوالٍ، أحدُها: أنه «خالصةً» فتكون «عند» ظرفاً لخالصةً أو للاستقرار الذي في «لكم»، ويجوزُ أن تكونَ حالاً مِن «الدار» والعاملُ فيه «كان» أو الاستقرارُ. وأمَّا «لكم» فيتعلَّقُ بكان لأنها تعملُ في الظرفِ وشِبْهِه. قال أبو البقاء «ويجوز أن تكونَ للتبيينِ فيكونَ موضعُها بعد» خالصةً «أي خالصةً لكم فَتَتَعَلَّقَ بنفسِ» خالصةً «. وهذا فيه نظرٌ، لأنه متى كانت للبيانِ تعلَّقَتْ بمحذوفٍ تقديرُه: أعني لكم نحو: سُقْياً لك، تقديرُه: أعني بهذا الدعاءِ لك. وقد صَرَّح غيرُه في هذا الموضعِ بأنها للبيانِ وأنها متعلقةٌ حينئذٍ بمحذوف كما ذكرت. ويجوز أَنْ يكونَ صفةً ل» خالصةً «في الأصل قُدِّم عليها فصار حالاً منها فيتعلَّقَ بمحذوفٍ.


الصفحة التالية
Icon