قولُه تعالى: ﴿أَبَداً﴾.. منصوبٌ بَيَتَمَنَّوْه، وهو ظرفُ زمانٍ يقعُ للقليلِ والكثيرِ، ماضياً كانَ أو مستقبلاً، تقول: ما فَعَلْتُه أبداً، وقال الراغب: «هو عبارةٌ عن مدةِ الزمانِ الممتدِّ الذي لا يَتَجزَّأ كما يتجزَّأُ الزمانُ، وذلك أنه يقال: زمانَ كذا ولا يُقال: أبدَ كذا، وكان مِنْ حَقِّه على هذا ألاَّ يُثَنَّى ولا يُجْمَعَ، وقد قالوا: آباد فجَمَعوه لاختلافِ أنواعِه، وقيل: آباد لغةٌ مُوَلَّدَةٌ، ومجيئُه بعد» لَنْ «يَدُلُّ على أن نَفْيَها لا يقتضي التأبيدَ، وقد تقدَّم ذلك، ودَعْوى التأكيدِ فيه بعيدةٌ». وقال هنا: «ولن يَتَمَنَّوْه» فنَفى بلن وفي الجمعة ب «لا» قال صاحب المنتخب: «لأنَّ دَعْواهم هنا أعظمُ مِنْ دعواهُمْ هناك لأنَّ السعادةَ القُصْوى فوق مرتبةِ الولايةِ، لأنَّ الثانيةَ تُراد لحصولِ الأولى، والنفيُ ب» لن «أَبْلَغُ مِن النفي بِ» لا «.
قوله: ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ متعلِّقٌ بيتمنَّوْه، والباءُ للسببية أي بسببِ اجتراحِهم العظائمَ. و» ما «يجوزُ فيها ثلاثةُ أوجهٍ، أَظْهَرُها: كونُها موصولةً بمعنى الذي. والثاني: نكرةٌ موصوفةٌ والعائدُ على كلا القولَيْنِ محذوفٌ أي: بما قَدَّمَتْه، فالجملةُ لا محلَّ لها على الأولِ، ومحلُّها الجرُّ على الثاني. والثالث: أنَّها مصدريَّةٌ أي: بتَقْدِمَةِ أيديهِم. ومفعولُ» قَدَّمَتْ «محذوفٌ أي: بما قَدَّمَتْ أيدِيهم الشرَّ أو التبديلَ ونحوَه.
قولُه تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس﴾.. هذه اللامُ جوابُ قسم محذوفٍ، والنونُ للتوكيدِ تقديرُه: واللهِ لَتَجِدَنَّهُم. و «وجَدَ» هنا متعديةٌ لمفعولَيْن أوَّلُهما الضميرُ، والثاني «أَحْرَصَ»، وإذا تَعَدَّتْ لاثنين كانَتْ