والثاني: أنَّ مِنْ شرطِ النصبِ بالفاءِ في جوابِ الأمرِ أَنْ يَنْعَقِدَ منهما شرطٌ وجزاءٌ نحو: «ائتني فأكرمك» تقديرُه: إنْ أتيتني أكرمتُك، وههنا لا يَصِحُّ ذلك إذ يَصيرُ التقديرُ: إنْ تَكُنْ تَكُنْ، فيتَّحِدُ فعلا الشرطِ والجزاءِ معنىً وفاعلاً، وقد عَلِمْت أنه لا بُدَّ من تغايرِهما وإلاَّ يلزمْ أن يكونَ الشيءُ شرطاً لنفسه وهو مُحال. قالوا: والمعاملةُ اللفظية واردةُ في كلامهم نحو: ﴿قُل لِّعِبَادِيَ الذين آمَنُواْ يُقِيمُواْ﴾ [إبراهيم: ٣١] ﴿قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ﴾ [الجاثية: ١٤] وقال عمر ابن أبي ربيعة:
٧٠٠ - فَقُلْتُ لجَنَّادٍ خُذِ السيفَ واشتَمِلْ | عليه برفقٍ وارْقُبِ الشمسِ تَغْرُبِ |
وأَسْرِجْ لي الدَّهْماءَ واذهَبْ بمِمْطَري | ولا يَعْلَمَنْ خلقٌ من الناسِ مَذْهَبي |
أمَّا ما ذكروه في بيتِ عمر فصحيحُ، وأمَّا الآياتُ فلا نُسَلِّم أنه غيرُ مترتِّبٍ [عليه]، لأنه أرادَ بالعبادِ الخُلَّصَ، ولذلك أضافهم إليه، أو تقولُ إن الجزمَ على حَذْفِ لأمِ الأمر وسيأتي تحقيقهُ في موضعه. وقال الشيخ جمال الدين بنُ مالك: «إنَّ» أَنْ «الناصبةَ قد تُضْمر بعد الحَصْر بإنما اختياراً وحكاه عن بعض الكوفيين، قال:» وحَكَوْا عن العرب: «إنما هي ضربةٌ من الأسدِ فَتَحْطِمَ ظهرَه» بنصبِ «تَحْطِمَ» فعلى هذا يكون النصبُ في قراءة ابن