المصدرِ ثلاثياً كونُ «فُعَلة» قد حُذِفت زوائدُه في كثيرٍ من كلامهم نحو: تَقَى يَتْقِي ومنه:

١٢٢٨ -......................... تَقِ اللهَ فينا والكتابَ الذي تتلو
وقد قَدَّمُتْ تحقيق ذلك في أول البقرة.
الثاني: أنها منصوبةٌ على المفعولِ به، وذلك أن يكونَ «تَتَّقوا» بمعنى تخافوا، ويكون «تقاة» مصدراً واقعاً موقعَ المفعولِ به، وهو ظاهرُ قول الزمخشري فإنه قال: «إلا أَنْ تخافوا من جهتهم أمراً يجب اتقاؤه، وقُرىء» تَقِيَّة «، وقيل للمتقى: تُقاة وتَقِيَّة كقولهم» ضَرْب الأمير «لمضروبه». انتهى فصار تقديرُ الكلام: إلا أن تخافوا منهم أمراً مُتَّقَىً.
الثالث: أنها منصوبةٌ على الحال وصاحبُ الحال فاعل «تتقوا» وعلى هذا تكونُ حالاً مؤكدة، لأنَّ معناه مفهوم من عاملها كقوله: ﴿وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً﴾ [مريم: ٣٣] ﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ﴾ [البقرة: ٦٠]، وهو على هذا جمعُ «فاعِل» وإن لم يُلْفظ بفاعل من هذه المادة فيكون فاعلاً وفُعَلَة نحو: رام ورُماة وغاز وغُزاة، لأنَّ فعلَه يَطَّرد جمعاً لفاعِل الوصفِ المعتلِّ اللامِ، وقيل: بل فُعَلَة جمعٌ لفعيل، أجازَ ذلك كلَّه أبو علي الفارسي. قلت: جمعُ فَعِيل على فُعَلة لا يجوزُ، فإن فَعِيلاً الوصفَ المعتلَّ اللامِ يُجْمع على أَفْعِلاء نحو: غَنِيّ وأغنياء، وتقيّ وأتقياء، وصَفِيّ وأَصْفِياء، فإن قيل: قد جاء فَعِيل الوصفُ مجموعاً على فُعَلة قالوا: كَمِيّ وكُمَاة، فالجواب: أنه من الندور بحيث لا يُقاس عليه.


الصفحة التالية
Icon