هي حالٌ مؤكدة بحَسَب حال هؤلاء الأنبياء عليهم السلام». و «بكلمة» متعلِّقٌ ب «مصدقاً». وقرأ أبو السَّمَّال: «بكِلْمَةٍ» بكسر الكاف وسكون اللام، وهي لغة فصيحة، وذلك أنه أَتْبَع الفاءَ للعين في حركتها فالتقى بذلك كسرتان، فَحَذف الثانيةَ لأجل الاستثقال. والكلمة قيل: المراد بها الجمع؛ إذ المقصودُ التوراةُ والإِنجيل وغيرهما من كتب الله تعالى المُنَزَّلة، فَعَبَّر عن الجمعِ ببعضه، ومثلُ هذا قوله عليه السلام: «أصدقُ كلمةٍ قالها الشاعر كلمةُ لبيد» يريدُ قولَه:

١٢٥٩ - ألا كلُّ شيءٍ ما خلا الله باطِلُ وكلُّ نعيمٍ لا مَحَالَةَ زائِلُ
وذُكِر لحسان رضي الله عنه الحُوَيْدِرة الشاعر فقال: «لعن الله كلمته» يعني قصيدته، وسيأتي لهذا مزيدُ بيان عند قوله تعالى: ﴿إلى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ﴾ [آل عمران: ٦٤].
قوله: ﴿مِّنَ الله﴾ في محلِّ جر صفة لكملة فيتعلَّقٌ بمحذوف أي: بكلمة كائنة من الله. و ﴿وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً﴾ أحوالٌ أيضاً كمصدِّقاً. السيِّد فَيْعِل. والأصلُ: سَيْوِد فَفُعِل [به] ما فُعِل بميت، وقد تقدَّم كيفية ذلك، واشتِقاقُه من سادَ يسود سِيادة وسُؤْدُدَاً أي: فاقَ نُظَراءَه في الشرف والسؤُدد، ومنه قولهم:
١٢٦٠ - نفسُ عصامٍ سَوَّدَتْ عِصَاما وعَلَّمَتْه الكَرَّ والإِقداما
وصَيَّرتَهُ بَطَلاً هُمَاما...


الصفحة التالية
Icon