فوق مراعاةً لتأنيث الجمع. وقرأ الحسن وأبو عبد الرحمن بالياء مِنْ تحتِ بالتذكيرِ على الأصل، وسَكَّن الحسن ياء «تُغْني» استثقالاً للحركةِ على حرفِ العلة. وذهاباً به مذهبَ الألف، وبعضُهم يَخُصُّ هذا بالضرورةِ.
قوله: ﴿مِّنَ الله﴾ في «من» هذه أربعة أوجه: أحدها: أنها لابتداءِ الغاية مجازاً أي: مِنْ عذاب الله وجزائه. الثاني: أنها بمعنى عند، قال أبو عبيدة: هي بمعنى عند كقوله: ﴿أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: ٤] أي: عندَ جوع وعند خوف، وهذا ضعيفٌ عند/ النحويين.
الثالث: أنها بمعنى بدل. قال الزمخشري: «قوله» من الله مثلُ قوله: ﴿إَنَّ الظن لاَ يُغْنِي مِنَ الحق شَيْئاً﴾ [يونس: ٣٦]، والمعنى: لن تغني عنهم من رحمة الله أو من طاعته شيئاً أي: بدلَ رحمتِه وطاعته وبدلَ الحق، ومنه «ولا يَنْفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ» أي: لا ينفعَهُ جَدُّه وحَظُّه من الدنيا بدلك، أي: بدلَ طاعتِك وما عندَك، وفي معناه قولُه تعالى: ﴿وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بالتي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زلفى﴾ [سبأ: ٣٧]، وهذا الذي ذَكَره من كونِها بمعنى «بدل» جمهورُ النحاة يَأْباه، فإنَّ عامَّة ما أورده مجيزُ ذلك بتأولُه الجمهور، فمنه قولُه: