[والذَّنْبُ في الأصل: التِلْوُ والتابعُ، وسُمِّيَتِ الجريمة ذنباً] لأنها يتلو أي يتبع عقابُها فاعلَها؛ والذَّنُوب: الدَّلْو لأنها تتلو الحبلَ في الجَذْب، وأصلُ ذلك من ذَنَبِ الحيوان لأنه يَذْنُبُه أي يَتْلو يقال: ذَنَبه يَذْنُبُه ذَنْباً أي: تَبِعه.
قوله: ﴿شَدِيدُ العقاب﴾ كقوله: ﴿سَرِيعُ الحساب﴾ [البقرة: ٢٠٢] أي: شديدٌ عقابهُ، وقد تقدَّم تحقيقه. وقد اشتملت هذه الآيات من أولِ السورةِ إلى ههنا أنواعاً من علمِ المعاني والبيان والبديع لا تَخْفى على متأمِّلها.
قوله تعالى: ﴿سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ﴾ قرأ الأخَوان هذين الفعلين بالغَيْبة، والباقون بالخطاب، والغيبة والخطاب في مثل هذا التركيب واضحانِ كقولِك: «قل لزيد: قم» على الحكاية، وقل لزيد: يقوم، وقد تقدم نحوٌ من هذا في قولِه: ﴿لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله﴾ [البقرة: ٨٣]. وقال الشيخ في قراءةِ الغَيْبة: «الظاهرُ أنَّ الضميرَ للذين كفروا، وتكونُ الجملةُ إذ ذاك ليست محكيةً بقل، بل محكيةٌ بقول آخر، التقديرُ: قُلْ لهم قَوْلي سَيُغْلَبُون وإخباري أنه ستقعُ عليهم الغَلَبَةُ، كما قال: ﴿قُل لِلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ﴾ [الأنفال: ٣٨] فبالتاءِ أخبرهم بمعنى ما أُخْبر به من أنهم سَيُغْلبون، وبالياء أخبرهم باللفظ الذي أُخبر به أنهم سَيُغْلبون».
وهذا الذي قاله سبقَه إليه الزمخشري فأخَذَه منه، ولكنَّ عبارةَ


الصفحة التالية
Icon