يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ}، ومَنْ قرأ بالياء فإنه ذهب إلى مخاطبةِ اليهود، وأنَّ الغلبةَ تقع على المشركين، كأنه قيل: قل يا محمد لليهود سَيُغْلَبُ المشركون ويُحْشرون، فليس يجوزُ في هذا المعنى إلا الياءُ لأنَّ المشركين غَيْبٌ.
قوله: ﴿وَبِئْسَ المهاد﴾ المخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ أي: بئس المهاد جهنمُ. والحذفُ للمخصوصِ يدلُّ على صحةِ مذهبِ سيبويه من أنه مبتدأٌ والجملةُ قبلَه خبرُه، ولو كان كما قالَ غيرُه مبتدأً محذوفَ الخبرِ أو بالعكسِ لما حُذِف/ ثانياً للإِجحافِ بحَذْفِ سائِر الجملة.
قوله تعالى: ﴿قَدْ كَانَ﴾ : جوابُ قسمٍ محذوفٍ، و «آيةٌ» اسمُ كان، ولم يؤنِّث الفعلَ لأنَّ تأنيثَ الآيةِ مجازيٌّ، ولأنها بمعنى الدليل والبرهان، ولوجودِ الفصلِ ب «لكم»، فإنَّ الفصلَ مُسَوِّغٌ لذلك مع كونِ التأنيث حقيقاً كقوله:

١١٨٧ - إنَّ امرَأً غَرَّه منكنَّ واحدةٌ بَعْدي وبعدكِ في الدنيا لمغرورُ
وفي خبر «كان» وجهان أحدُهما: أنه «لكم» و «في فئتين» في محل رفع نعتاً لآية. والثاني: أنه «في فئتين». وفي «لكم» حينئذ وجهان، أحدهما: أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «آية» لأنه في الأصل صفةٌ لآية، فلما قُدِّم نُصِب حالاً. والثاني: أنه متعلِّقٌ بكان، ذكره أبو البقاء، وهذا عند مَنْ يرى أنها تعملُ في الظرف وحرف الجر، ولكنْ في جَعْلِ «في فئتين» الخبرَ إشكالٌ، وهو أن حكمَ اسمِ «كان» حُكْمُ المبتدأِ فلا يجوزُ أن يكونَ اسماً لها


الصفحة التالية
Icon