فئةً تقاتل في سبيل الله، وأذمُّ أخرى كافرةً. الثالث: أن ينتصبَ على الاختصاص جَوَّزه الزمخشري. قال الشيخ: «وليس بجيد؛ لأنَّ المنصوبَ [على الاختصاص] لا يكونُ نكرةً ولا مبهماً» قلت: لا يعني الزمخشري الاختصاصَ المبوَّبَ له في النحو نحو «نحن معاشرَ الأنبياء لا نُوْرَثُ» إنما عنى النصبَ بإضمارِ فعلٍ لائقٍ، وأهلُ البيانِ يُسَمُّون هذا النحو اختصاصاً. الرابعُ: أن تنتصِبَ «فئةً» على الحالِ من فاعل «التقتا» كأنه قيل: التقتا مؤمنةً وكافرةً، فعلى هذا يكون «فئةً» و «أخرى» توطئةً للحال، لأن المقصود ذِكْرُ وصفها، وهذا كقولهم: جاءني زيدٌ رجلاً صالحاً، ومثلُه في باب الإِخبار: ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾ [الأعراف: ٨١] ونحوُه.
قوله: ﴿وأخرى كَافِرَةٌ﴾ «أُخْرى» : صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ تقديره: «وفئةٌ أخرى كافرةٌ». وقُرِئَتْ «كافرة» بالرفعِ والجَرِّ على حَسَبِ القراءتين المذكورتين في «فئة تقاتل»، وهذه منسوقَةٌ عليها، وكان من حق/ من قرأ «فِئَةً تقاتل» نصباً أن يقرأ: «وأخرى كافرةً» نصباً عطفاً على الأولى، ولكني لم أحفظ فيها ذلك. وفي عبارة الزمخشري ما يُوْهم القراءةَ به فإنه قال: «وقُرىء فئة تقاتل وأخرى كافرة بالجرِّ على البدلِ من فئتين، وبالنصبِ على الاختصاص أو الحال»، فظاهرُ قولِه: «وبالنصب» [أي: في جميعِ ما تقدم وهو: فئة تقاتل وأخرى كافرة]. وقد تقدَّم سؤال أبي البقاء وهو: لم يَقُلْ «والأخرى»