قوله: ﴿والأرحام﴾ الجمهور/ على نصب ميم «والأرحام» وفيه وجهان، أحدهما: أنه عطفٌ على لفظ الجلالة أي: واتقوا الأرحام أي: لا تقطعوها. وقَدَّر بعضهم مضافاً أي: قَطْعَ الأرحام، ويقال: «إنَّ هذا في الحقيقة من عطفِ الخاص على العام، وذلك أن معنى اتقوا الله: اتقوا مخالفَتَه، وقطعُ الأرحام مندرجٌ فيها». والثاني: أنه معطوفٌ على محل المجرور في «به» نحو: مررت بزيد وعمراً، لَمَّا لَم يَشْرَكْه في الإِتباع على اللفظِ تبعه على الموضع. ويؤيد هذا قراءة عبد الله: «وبالأرحام». وقال أبو البقاء: «تُعَظِّمونه والأرحام، لأنَّ الحَلْفَ به تعظيمٌ له».
وقرأ حمزة «والأرحامِ» بالجر، وفيها قولان، أحدهما: أنه عطفٌ على الضمير المجرور في «به» من غير إعادة الجار، وهذا لا يجيزه البصريون، وقد تقدَّم تحقيقُ القول في هذه المسألة، وأنَّ فيها ثلاثةَ مذاهب، واحتجاجُ كل فريق في قوله تعالى: ﴿وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد﴾ [البقرة: ٢١٧].
وقد طَعَنَ جماعة على هذه القراءة كالزجاج وغيره، حتى يحكى عن الفراء الذي مذهبه جوازُ ذلك أنه قال: «حَدَّثني شريك بن عبد الله عن الأعمش عن إبراهيم قال:» والأرحامِ «بخفض الأرحام هو كقولهم:» أسألك بالله والرحمِ «قال:» وهذا قبيحٌ «لأنَّ العرب لا تَرُدُّ مخفوضاً على مخفوضٍ قد كُنِيَ عنه».