و «كفى» هنا متعديةٌ لواحدٍ، وهو محذوفٌ تقديرُه: وكفاكم اللهُ «. وقال أبو البقاء:» وكفى «تتعدَّى إلى مفعولين حُذِفا هنا تقديرُه: كفاك اللهُ شرَّهم بدليل قوله: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله﴾ [البقرة: ١٣٧]. والظاهر أنَّ معناها غيرُ معنى هذه. قال الشيخ بعد أَنْ ذكر أنها متعدية لواحدٍ:» وتأتي بغيرِ هذا المعنى متعدية إلى اثنين كقولِه: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ الله﴾. وهو محلُّ نظر.
قوله تعالى: ﴿مِّمَّا تَرَكَ الوالدان﴾ : هذا الجارُّ في محل رفع لأنه صفةٌ للمرفوعِ قبلَه أي: نصيبٌ كائن أو مستقر، ويجوز أن يكون في محل نصبٍ متعلقاً بلفظ «نصيب» لأنَّه من تمامه.
وقوله: ﴿مِمَّا قَلَّ﴾ في هذا الجارِّ أيضاً وجهان أحدُهما: أنه بدلٌ من «ما» الأخيرةِ في «مِمَّا ترك» بإعادة حرفِ الجر في البدل، والضميرُ في «منه» عائدٌ على «ما» الأخيرةِ، وهذا البدلُ مرادٌ أيضاً في الجملةِ الأولى حُذِفَ للدلالةِ عليه، ولأنَّ المقصودَ به التأكيدُ لأنه تفصيلٌ/ للعمومِ المفهومِ من قولِه: ﴿مِّمَّا تَرَكَ﴾ فجاءَ هذا البدلُ مفصِّلاً لحالتَيْه من الكثرةِ والقلة. والثاني: أنه حالٌ من الضمير المحذوف من «ترك» أي: مِمَّا تركه قليلاً أو كثيراً أو مستقراً مِمَّا قل.
و «نصيباً» فيه أوجهٌ أحدها: أن ينتصِبَ على أنه واقعٌ موقعَ المصدر، والعاملُ فيه معنى ما تقَّدم، إذ التقديرُ: عطاءً أو استحقاقاً، وهذا معنى قولِ مَنْ يقولُ منصوبٌ على المصدرِ المؤكد. قال الزمخشري: «كقوله: ﴿فَرِيضَةً مِّنَ الله﴾ [النساء: ١١] كأنه قيل: قسمةً مفروضةً». وقد سَبَقه الفراء إلى هذا


الصفحة التالية
Icon