قوله تعالى: ﴿انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ﴾ : كيف منصوبٌ ب «يَفْتَرون» وتقدَّم الخلافُ فيه، والجملةُ في محلِّ نصب بعد إسقاط الخافضِ، لأنها معلقةٌ ل «انظر» و «انظر» يتعدَّى ب «في» لأنَّها هنا ليست بصريةً. و «على الله» متعلقٌ ب «يفترون» وأجاز أبو البقاء أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «الكذب» قُدِّم عليه قال: «ولا يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بالكذبِ؛ لأنَّ معمولَ المصدرِ لا يقتدَّم عليه، فإنْ جُعِل على التبيين جاز» وجَوَّز ابنُ عطية أن تكونَ «كيف» مبتدأً، والجملةُ من قولِه «يفترون» الخبرُ، وهذا فاسدٌ لأنَّ «كيف» لا تُرْفَعُ بالابتداء، وعلى تقديرِ ذلك فأين الربطُ بينها وبين الجملةِ الواقعة خبراً عنها؟ ولم تكن نفسَ المبتدأ حتى تَسْتغني عن رابط. و «إثْماً» تمييزٌ، والضميرُ في «به» عائدٌ على الكذب، وقيل: على الافتراءِ، وجَعَله الزمخشري عائداً على زعمِهم، يعني مِنْ حيث التقديرُ.
قوله تعالى: ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ : فيه وجهان، أحدُهما: انه حالٌ: إمَّا من «الذين»، وإمَّا من واو «أُوتوا». و «بالجِبْتِ» متعلق به، «ويقولون» عطفٌ عليه، و «للذين» متعلِّقٌ ب «يقولون» واللام: إمَّا للتبليغ وإمَّا للعلِة كنظائرِها. «وهؤلاء أَهْدَى» مبتدأٌ وخبرٌ في محلِّ نصبٍ بالقول. و «سبيلاً» تمييزٌ. والثاني: أنَّ «يؤمنون» مستأنف، وكأنه تعجَّبَ مِنْ حالِهم، إذ كان ينبغي لِمَنْ أُوتي نصيباً من الكتاب ألاَّ يفعلَ شيئاً مِمَّا ذُكِر فيكونُ جواباً لسؤالٍ مقدر، كأنه قيل: ألا تعجَبُ من حالِ الذين أوتوا نصيباً من الكتاب؟ فقيل: وما حالُهم؟ فقال: يؤمنون ويقولون، وهذان منافيان لحالِهم.
والجِبْتُ: هو الجِبْسُ بالسينِ المهملةِ، أُبْدِلَتْ تاءً، كالنات والأكيات وست


الصفحة التالية
Icon