القدرة، فأقيم المُسَبَّب مُقام السببِ للملابسةِ بينهما ولإِيجاز الكلام «. وقيل: تقديره: إذا قَصَدْتُم الصلاةَ؛ لأنَّ مَنْ توجَّه إلى شيءٍ وقام إليه كان قاصدا له فعبَّر بالقيام عن القصدِ. والجمهورُ قَدَّروا حالاً محذوفة من فاعل» قمتم «، أي: إذا قمتم إلى الصلاةِ مُحْدِثين، إذ لا وضوءَ على غير المحِدث، وإن كان قال به جماعة، قالوا: ويدُلُّ على هذه الحالِ المحذوفة مقابلتُها بقوله: ﴿وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فاطهروا﴾ فكأنه قيل: إنْ كنتم مُحْدِثين الحدثَ الأصغر فاغسِلو كذا وامسَحوا كذا، وإنْ كنتم مُحْدثين الحدثَ الأكبر فاغسلوا الجسدَ كله، وهو مَحَلُّ نظر.
قوله: ﴿إِلَى المرافق﴾ في» إلى «هذه وجهان، أحدهما: أنها على بابها من انتهاء الغاية، وفيها حنيئذ خلاف، فقائلٌ: إنَّ ما بعدها لا يدخل فيما قبلها، وقائلٌ بعكس ذلك، وقائل: لا تَعَرُّضَ لها في دخولٍ ولا عدَمِه، وإنما يدور الدخولُ والخروج مع الدليل وعدمه. وقائل: إن كان ما بعدها من جنس ما قبلها دخل في الحكم وإلا فلا، ويُعْزى لأبي العباس. وقائل: إنْ كان ما بعدَها من غير جنس ما قبلها لم يَدْخُل، وإن كان من جنسِه فيحتمل الدخولَ وعَدَمه، وأول هذه الأقوالِ هو الأصحُّ عند النحاة. قال بعضُهم: وذلك أنَّا حيث وَجَدْنا قرينةً مع» إلى «فإن تلك القرينةَ تقتضي الإِخراجَ مما قبلها، فإذا وَرَدَ كلامٌ مجردٌ عن القرائن فينبغي أن يُحْمَلَ على الأمر الفاشي الكثير وهو الإِخراج، وفَرَّق هذا القائل بين» إلى «و» حتى «فجعل» حتى «تقتضي الإِدخالَ، و» إلى «تقتضي الإِخراج بما تقدم من الدليل، وهذه الأقوالُ دلائلها في غيرِ هذا الكتاب، وقد أوضَحْتُها في كتابي» شرح التسهيل «والقول الثاني: أنها بمعنى» مع «أي: مع المرافق، وقد تقدَّم الكلامُ في ذلك عند قوله: ﴿إلى أَمْوَالِكُمْ﴾ [النساء: ٢]. والمرافقُ: جمع» مَرْفِق «بفتح الميم وكسر الفاء