الوعد مُجرى القول لأنه ضَرْبٌ منه، ويجعل «وعد» واقعاً على الجملة التي هي قوله: «لهم مغفرة» كما وقع «تَرَكْنا» على قوله: ﴿سَلاَمٌ على نُوحٍ﴾ [الصافات: ٧٩]، كأنه قيل: وعدهم هذا القول، وإذا وعدهم مَنْ لا يُخْلِفُ الميعادَ فقد وعدهم مضمونَة من المغفرة والأجر العظيم، وإجراءُ الوعدِ مُجْرى القولِ مذهبٌ كوفي.
قوله تعالى: ﴿والذين كَفَرُواْ﴾ : مبتدأ، و «أولئك» مبتدأ ثان، و «أصحاب» خبره، والجملة خبر الأول، وهذه الجملة مستأنفة أُتي بها اسميةً دلالة على الثبوت والاستقرار، ولم يُؤْتَ بها في سياق الوعيد كما أتى بالجملة قبلها في سياق الوعد حسماً لرجائهم، وأجاز بعضُهم أن تكونَ هذه الجملةُ داخلةً في حَيِّز الوعد، على ما تقدَّم تقريرُه في الجملةِ قبلَها، قال: «لأنَّ الوعيد اللاحقَ بأعدائهم مِمَّا يَشْفي صدروَهم، ويُذْهب ما كانوا يَجِدونه من أذاهم، ولا شك أن الأذى اللاحقَ للعدوِّ مِمَّا يَسُرُّ، ويُفْرِحُ ما عند عدوه» وفيه نظرٌ، فإنَّ الاستئناف وافٍ بهذا المعنى؛ فإنَّ الإِنسانَ إذا سمع خبراً يسوءُ عدوَّه سُرَّ بذلك، وإن لم يُوعَدْ به، وقد يَتَقوّى صاحبُ هذا القول المتقدم بأن الزمخشري قد نَحا إلى هذا المعنى في سورة سبحان، قال: «فإن قلت: علامَ عطف ﴿وأَنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ [الإِسراء: ١٠] ؟ قلت: على ﴿أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾ [الإِسراء: ٩]، على أنه بَشَّر المؤمنين ببشارتين اثنتين: بثوابِهم وبعقابِ أعدائهم، فجعل عقابَ أعدائِهم داخلاً في حَيِّز البِشارة، فالبشارةُ هناك كالوعدِ هنا.
وقوله تعالى: ﴿عَلَيْكُمْ﴾ : يجوزُ أَنْ يتعلَّق ب «نعمة» وأن يتعلق بمحذوفٍ على أنه حالٌ منها. و «إذ هم» ظرفٌ، ناصبُه النعمة أيضاً أي: اذكروا نعمته عليكم في وقتِ هَمِّهم، ويجوز أن يتعلقَ هذا الظرفُ