قوله: ﴿مَّا فَعَلُوهُ﴾ الهاء يُحْتمل أن تكون ضمير مصدر «اقتلوا» أو «اخرجوا» أي: ما فعلوا القتل أو ما فعلوا الخروج. وقد أبعد فخر الدين الرازي حيث زعم أنها تعودُ إليهما معاً، لنُبُوِّ الصناعة عنه. [وأجاز أبو البقاء وجهاً رابعاً] : وهو أن يعودَ على المكتوبِ ودَلَّ عليه «كتبنا».
قوله: ﴿إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ رفعُهُ من وجهين، أحدهما: أنه بدلٌ من فاعل «فَعَلوه» وهو المختارُ على النصب؛ لأن الكلامَ غيرُ موجبٍ، الثاني: أنه معطوفُ على ذلك الضمير المرفوع، و «إلاَّ» حرفُ عطف، وهذا رأي الكوفيين، ولهذه المسألةِ موضوعٌ غير هذا. وقرأ ابن عامر وجماعة: «إلا قليلاً» نصباً وفيه وجهان، أشهرُهما: أنه نصب على الاستثناء وإن كان الاختيارُ الرفَع؛ لأنَّ المعنى موجودٌ معه كما هو موجود مع النصب، ويَزيدُ عليه بموافقة اللفظ. والثاني: أنه صفة لمصدر محذوف تقديرُه: «إلا فعلاً قليلاً» قاله الزمخشري، وفي نظرٌ، إذ الظاهرُ أنَّ «منهم» صفةٌ ل «قليلاً» ومتى حُمِل القليلُ على غير الأشخاص يَقْلَق هذا التركيب، إذلا فائدةَ حينئذ في ذِكْرِ «منهم».
قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ﴾ قد تقدَّم الكلام على نظير هذه المسألة في مواضع، «وما» في «ما يوعظون» موصولةٌ اسمية. والباءُ في «به» تحتمل أن تكونَ المعدِّيةَ دخلت على الموعوظ به، والموعوظُ به على هذا هو التكاليف من الأوامر والنواهي، وتُسَمَّى أوامرُ اللَّهِ تعالى ونواهيه مواعظَ لأنها مقترنةٌ