الأعمش: ﴿على خيانة﴾ وأصل خائِنة: خاونة، وخيانة: خِوانة، لقولهم: تَخَوَّن وخَوَّان وهو أَخْوَن، وإنما أُعِلاَّ إعلالَ «قائمة وقيام» و «منهم» صفة ل «خائنة» إن أريد بها الصفة، وإن أريد بها المصدرُ قُدِّر مضافٌ أي: من بعض خياناتهم.
قوله: ﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ منصوبٌ على الاستثناء، وفي المستنثى منه أربعةُ أقوالٍ، أظهرُها: أنه لفظ خائنة، وهمُ الأشخاصُ المذكورون في الجملة قبله أي: لا تزالُ تَطَّلع على مَنْ يَخْون منهم إلى القليلَ، فإنه لا يخون فلا تَطَّلِعُ عليه، وهؤلاء هم عبد الله بن سلام وأصحابه. قال أبو البقاء «ولو قرئ بالجر على البدل لكان مسقيماً» يعني على البدل من «خائنة» فإنه في حَيِّز كلام غير موجب. والثاني: ذكره ابن عطية أنه الفعل أي: لا تزال تطَّلع على فِعْل الخيانة إلا فعلاً قليلاً، وهذا واضح إنْ أُريد بالخيانة أنها صفة للفعلة المقدرة كما تقدَّم، ولكن يُبْعِدُ ما قاله ابنُ عطية قولُه بعدَه «منهم»، وقد تقدَّم لنا نظيرُ ذلك في قوله ﴿مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾ [النساء: ٦٦]، حيث جَوَّز الزمخشري فيه أن يكونَ صفةً لمصدرٍ محذوفٍ. الثالث: أنه «قلوبهم» في قوله: ﴿وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ قال صاحبُ هذا القول: «والمرادُ بهم المؤمنون لأن القسوة زالَتْ عن قلوبهم» وهذا فيه بُعْدٌ كبير، لقوله «لعنَّاهم» الرابع: أنه الضمير في «منهم» مِنْ قوله تعالى: ﴿على خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ﴾ قاله مكيّ.
قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الذين قَالُواْ﴾ : فيه خمسةُ أوجه،