داود وعبيد بن عمير:» فافرِقْ «بكسرِ الراء وهي لغة: فَرَق يفرِق كيضرِب. قال الراجز:

١٧١ - ٤- يا ربِّ فافرُقْ بينه وبيني أشدَّ مَا فرَّقْتَ بين اثنَيْنِ
وقرأ ابن السَّمَيْفَع:» فَفرَّقْ «مضعفاً وهي مخالفةٌ للرسم. و» بين «معمولةٌ ل» افْرُق «، وكان مِنْ حَقِّها ألاَّ تُكَرَّر في العطف، تقول: المال بين زيد وعمرو» وإنما كُرِّرت للاحتياج إلى تكرُّرِ الجار في العطف على الضمير المجرور، وهو يؤيِّدُ مذهبَ البصريين.
قوله تعالى: ﴿أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ : فيه وجهان، أظهرُهما: أنه منصوبٌ ب «مُحَرَّمة» فإنه رُوي في القصة أنهم بعد الأربعين دَخَلوها فيكون قد قَيَّد تحريمَها عليهم بهذه المدةِ، وأخبر أنهم يتيهون، ولم يبيِّن كمية التيه، وعلى هذا ففي «يتيهون» احتملان، أحدهما: أنه مستأنفٌ، والثاني: أنه حالٌ من الضمير في «عليهم» الوجه الثاني: أنَّ «أربعين» منصوبٌ ب «يتيهون» فيكونُ قد قَيَّد التيه بالأربعين، وأمَّا التحريمُ فمطلقٌ، فيحتمل أن يكونَ مستمراً وأن يكونَ منقطعاً، وأنها أُجِّلتْ لهم، وقد قيل بكلِّ من الاحتمالين، رُوي أنه لم يَدْخُلْها أحد مِمَّن كان في التيه ولم يَدْخُلْها إلا أبناؤهُم، وأما الآباءُ فماتوا. وما أدري ما الذي حَمَل أبا محمد ابن عطية على تجويزِه أن يكونَ العاملُ في «أربعين» مضمراً يفسِّره «يتيهون» المتأخر، ولا ما اضطره إلى ذلك من مانعٍ صناعي أو معنوي؟ وجوازُ الوقف والابتداء بقوله: «عليهم» و «يتيهون» مفهومان ممَّا تقدَّم من الإِعراب.


الصفحة التالية
Icon