مصدرٌ مضافٌ لفاعله. وأجاز الزمخشري ألاَّ يكونَ لها محلٌّ من الإِعراب، بل هي مبيِّنة لأنَّ عندهم ما يُغْنيهم عن التحكيمِ، كما تقولُ: «عندكَ زيدٌ ينصحك ويُشير عليك بالصواب فما تصنعُ بغيرِه؟» وقوله: ﴿ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ﴾ معطوفٌ على «يحكِّمونك» فهو في سياقِ التعجبِ المفهومِ من «كيف».
قوله تعالى: ﴿فِيهَا هُدًى﴾ : يحتملُ الوَجْهين المذكورين في قوله: ﴿وَعِنْدَهُمُ التوراة﴾ ف «هُدَى» مبتدأٌ أو فاعلٌ، والجملةُ حالٌ من التوراة. وقوله: ﴿يَحْكُمُ بِهَا﴾ يجوز أن تكونَ جملةً متسأنفة، ويجوز أن تكون منصوبةً المحلِّ على الحال: إمَّا من الضميرِ في «فيها» وإمَّا من التوارة. وقوله: ﴿الذين أَسْلَمُواْ﴾ صفةٌ ل «النبيون» وصفهم بذلك على سبيل المدحِ والثناء لا على سبيلِ التفصيلِ فإنَّ الأنبياءَ كلَّهم مسلمون، وإنما أثنى عليهم بذلك كما تَجْري الأوصافُ على أسماءِ اللَّهِ تعالى. قال الزمخشري: «أُجْرِيَتْ على النبيين على سبيلِ المدحِ كالصفات الجاريةِ على القديم سبحانه لا للتفصلة والتوضيح، وأُريد بإجرائِها التعريضُ باليهود وأنهم بُعَداءُ من ملةِ الإِسلام الذي هو دينُ الأنبياء كلِّهم في القديم والحديث، فإنَّ اليهودَ/ بمعزل عنها، وقوله: ﴿الذين أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ﴾ منادٍ على ذلك» أي دليلٌ على ما ادِّعاه.
قوله: ﴿لِلَّذِينَ هَادُواْ﴾ في هذه اللامِ ثلاثةُ أقوالٍ، أظهرُهما: أنها متعلقةٌ ب «يحكم» فعلى هذا معناها الاختصاصُ، وتشمل مَنْ يحكم له ومَنْ يحكم عليه، ولهذا ادَّعى بعضُهم أنَّ في الكلام حَذْفاً تقدره: «يحكم بها النبيون


الصفحة التالية
Icon