بما» بدلٌ من قوله «بها» بإعادةِ العامل لطول الفصل، قال: «وهو جائزٌ وإنْ لم يَطُلْ» أي: يجوزُ إعادةُ العامل في البدل وإن لم يَطُلْ، قلت: وإنْ لم يُفْصَلْ أيضاً: الثاني: أن يكون متعلقاً بفعلٍ محذوفٍ، أي: ويحكم الربَّانيون بما استُحْفِظوا، كما قدمته عنه. والثالث: أنه مفعولٌ به أي: يَحْكُمون بالتوارةِ بسبب استحفاظهم ذلك، وهذا الوجهُ الأخير هو الذي نَحَا إليه الزمخشري فإنه قال: «بما استُحْفِظوا بما سألهم أنبياؤهم حِفْظَه من التوراة، أي: بسبب سؤالِ أنبيائِهم إياهم أَنْ يحفَظُوه من التبديلِ والتغيير» وهذا على أن الضميرَ يعودُ على الربانيين والأحبار دون النبيين، فإنه قَدَّر الفاعلَ المحذوف «النبيين»، وأجازَ أن يعودَ الضميرُ في «استُحْفِظوا» على النبيين والربانيين والأحبار، وقَدَّر الفاعلَ المنوبَ عنه الباري تعالى أي: بما استحفظهم الله، يعني بما كلَّفهم حِفْظَه.
وقوله: ﴿مِن كِتَابِ الله﴾ قال الزمخشري: «و» مِنْ «في» مِنْ كتاب الله «للتبين» يعني أنها لبيانِ الجنسِ المبهمِ في «بما» فإن «ما» يجوز أن تكونَ موصولةً اسمية بمعنى الذي والعائد محذوف أي: بما استحفظوه، وأن تكونَ مصدريةً أي: باستحفاظهم. وجَوَّز أبو البقاء أن تكونَ حالاً من أحدِ شيئين: إمَّا من «ما» الموصولةِ أو مِنْ عائدها المحذوفِ، وفيه نظرٌ من حيث المعنى. وقوله: «وكانوا» داخل في حَيِّز الصلة أي: وبكونِهم شهداءَ عليه أي: رُقَبَاء لئلا يُبَدِّل، ف «عليه» متعلقٌ ب «شهداء» والضميرُ في «عليه» يعودُ على «كتاب الله» وقيل: على الرسولِ، أي: شهداءَ على نبوتِه ورسالتِه، وقيل: على الحُكْم، والأولُ هو الظاهرُ.
قوله تعالى: ﴿أَنَّ النفس بالنفس﴾ : الآية. «عليهم»