جاء «لم يَجُزْ، وظاهرُ قوله تعالى: ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ﴾ اتحادُ الشرطِ والجزاء، فإن المعنى يَؤُول ظاهراً إلى: وإن لم تفعل لم تفعلْ. وأجابَ الناس عن ذلك بأجوبةٍ أسَدُّها ما قاله الأستاذ أبو القاسم الزمخشري، وقد أجابَ بجوابين، أحدُهما: أنه إذا لم يمتثل أمرَ اللهِ في تبليغِ الرسالاتِ وكَتْمِها كلِّها كأنه لم يُبْعَثْ رسولاً كان أمراً شنيعاً لاخفاءَ بشناعته، فقيل: إنْ لم تبلغ أدنى شيء وإن كلمةً واحدةً فكنت كمن ركب الأمرَ الشنيع الذي هو كتمانُ كلِّها، كما عَظَّم قَتْل النفسِ في قوله: ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ الناس جَمِيعاً﴾ [المائدة: ٣٢]. والثاني: أَنْ يُراد: وإنْ لم تفعلْ ذلك فلك ما يُوجِبُ كتمانَ الوحي كلِّه من العقاب فوضَع السببَ موضعَ المُسَبِّب، ويؤيده:» فأوحى الله إليَّ إنْ لم تبلِّغْ رسالاتي عَذَّبْتُك «.
وأجاب ابن عطية فقال:» أي: وإن تركت شيئاً فقد تركت الكل وصار ما بَلَّغْت غيرَ معتد به، فمعنى «وإن لم تفعل» :«وإن لم تستوفِ» نحوُ هذا قولُ الشاعر:
١٧٦ - ٧- سُئِلْتَ فلم تبخَلْ، ولم تُعْطِ نائلاً | ، فسِيَّان لا حمدٌ عليك ولا ذَمٌّ |