قوله تعالى: ﴿فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ﴾ [البقرة: ١٣٧] أي: بما آمنتم [به] وكقوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] ف «مثل» زائدةٌ، وهذا خلاف الأصلِ، فالجوابُ ما قَدَّمْتُه. و «ما» يجوزُ أْن تكونَ موصولةً اسمية أو نكرةً موصوفةً، والعائدُ محذوفٌ على كِلا التقديرين أي: مثلُ ما قتله من النعم.
فَمَنْ رفع «جزاء» فيه أربعة أوجه، أحدُها: أنه مرفوع بالابتداء، والخبرُ محذوفٌ تقديرُه: فعليه جزاء. والثاني: أنه خبرٌ لمبتدأ محذوف تقديرُه: فالواجبُ جزاءُ: والثالث: أنه فاعلٌ بفعل محذوف أي: فيلزَمُه أو يَجِبُ عليه جزاءٌ.
الرابع: أنه مبتدأ وخبره «مثل»، وقد تقدَّم أن ذلك مذهبُ أبي إسحاق الزجاج، وتقدم أيضاً رفع «مثل» في قراءة الكوفيين على أحدِ ثلاثةِ أوجه: النعتِ والبدلِ والخبرِ حيث قلنا: «جزاء» مبتدأٌ عند الزجاج.
وأمَّا قراءةُ ﴿فجزاؤه مثلُ﴾ فظاهرةٌ أيضاً. وأمَّا قراءة «فجزاءٌ مثلَ» برفع «جزاء» وتنوينه ونصب «مثل» فعلى إعمال المصدر المنونِ في مفعولِه، وقد تقدَّم أنَّ قراءةَ الإِضافةِ منه، وهو نظيرُ قولِه تعالى: ﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً﴾ [البلد: ١٤١٥] وفاعلُه محذوف أي: فجزاءُ أحدِكم أو القاتلِ، أي: أن يُجْزى القاتلُ للصيد. وأما قراءة: «فجزاءً مثلَ» بنصبهما فجزاءً منصوب على المصدر أو على المفعول به، «ومثلَ» صفتُه بالاعتبارين، والتقدير: فليَجْزِ جزاءً مثلَ، أو: فليُخْرِجْ جزاءً، أو فليُغَرَّم جزاءً مثلَ.
قوله: ﴿مِنَ النعم﴾ فيه ثلاثةُ وجه، أحدُها: أنه صفةٌ ل «جزاء» مطلقاً، أي: سواءً رُفِع أم نُصِبَ، نُوِّن أم لم يُنَوَّنْ، أي: إنَّ ذلك الجزاء يكونُ من


الصفحة التالية