وهو قولُ نحويّ سِيبيّ، يعني منسوب لسيبويه، فكأنه قال:» أينما كنتم «وفعلُ الشرط إذا كان ماضياً لفظاً جازَ المضارعِ الرفعُ والجزمُ كقول زهير:

وإنْ أتاه خليلٌ يومَ مسألةٍ يقولُ...............
وفي رفعه الوجهان المذكوران عن سيبويه والمبرد. ورَدَّ عليه الشيخ بأن العطفَ على التوهم لا ينقاس، ولأنَّ قوله يؤدِّي إلى حذف جواب الشرط، ولا يُحْذَفُ إلا إذا كان فعل الشرط ماضياً، لو قلت:» أنت ظالمُ إنْ تفعل «لم يجز. وهذا كما رأيتَ مضارعٌ. وفي هذا الردِّ نظرٌ لا يَخْفَى.
»
ولو كنتم «قالوا: هي بمعنى» إنْ «وجوابُها محذوف أي: لأدرككم. وذكر الزمخشري فيه قولاً غريباً من عند نفسِه فقال:» ويجوزُ أن يتصل بقوله ﴿وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ أي: لا تُنقَضون شيئاً مِمَّا كُتِب من آجالكم أينما تكونوا في ملاحمِ حروب أو غيرها، ثم ابتدأ بقوله: ﴿يُدْرِككُّمُ الموت وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ﴾، والوقف على هذا الوجه [على] «أينما تكونوا». انتهى. وردَّ عليه الشيخ فقال: «هذا تخريجُ ليس بمستقيمٍ لا من حيث المعنى ولا من حيث الصناعة النحوية: أمَّا من حيث المعنى فإنه لا يناسِبُ أن يكون متصلاً بقوله: ﴿وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً﴾ لأنَّ انتفاءَ الظلم ظاهراً إنما هو في الآخرة لقوله: ﴿قُلْ مَتَاعُ الدنيا قَلِيلٌ والآخرة خَيْرٌ لِّمَنِ اتقى﴾ وأما من حيث الصناعةُ النحوية فإنَّ ظاهرَ كلامِه يَدُلُّ على أن» أينما تكونوا «متعلقٌ بقولِه: ﴿ولا تُظْلمون﴾ بمعنى ما فَسَّره، وهذا لا يجوز لأن أسماءَ الشرط لها صدرُ الكلام فلا يتقدَّم عامُلها


الصفحة التالية
Icon