ذلك». والاشتراءُ هنا هل باقٍ على حقيقتِه أو يُراد به البيع؟ قولان، أظهرُهما الأولُ، وبيانُ ذلك مبنيٌّ على نصبِ «ثمناً» وهو منصوبٌ على المفعولية، قال الفارسيّ: وتقديره: لا نشتري به ذا ثمن، ألا ترى انَّ الثمن لا يُشْترى، وإنما يُشْترى ذو الثمن، قال: «وليس الاشراءُ هنا بمعنى البيع وإنْ جاء لغةً، لأنَّ البيعَ إبعادٌ عن البائعِ، وليس المعنى عليه، إنما معناه التمسُّكُ به والإِيثارُ له على الحقِّ». وقد نَقَل الشيخُ هذا الكلامَ بعينِه ولم يَعْزُه لأبي علي.
وقال مكي: «معناه ذا ثمن، لأنَّ الثمن لا يُشْترى، وإنما يُشْتَرى ذو الثمن، وهو كقوله: ﴿اشتروا بِآيَاتِ الله ثَمَناً﴾ [التوبة: ٩] أي ذا ثمن». وقال غيرُه: «إنه لا يَحْتاج إلى حذف مضاف» قال أبو البقاء: «ولا حَذْفَ فيه لأنَّ الثمنَ يُشْترى كما يُشْتَرَى به، وقيل: التقدير: ذا ثمن»، وقال بعضُهم: «لا نَشْتري: لا نبيعُ بعهدِ الله بغرضٍ ناخذُه، كقولِه تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً﴾ [آل عمران: ٧٧]، فمعنى ﴿لاَ نَشْتَرِي بِهِ﴾ لا نأخذُ ولا نستبدِلُ، ومَنْ باع شيئاً فقد اشترى، ومعنى الآية: لا نأخذُ بعهدِ الله ثمناً بأن نبيعَه بعَرَضٍ من الدنيا. قال الواحدي:» ويُستغنى بهذا عن كثيرٍ من تكلُّفِ أبي علي، وهذا معنى قولِ القتيبي والجرجاني «.
قوله: ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قربى﴾ الواوُ هنا كالتي سَبَقَتْ في قولِه: {أَوَلَوْ كَانَ


الصفحة التالية
Icon