وقُدِّم للفواصل، وفي الباء حينئذ احتمالان، أحدهما: ان تكون بمعنى عن، و» يَعْدِلون «من العُدول وأيضاً، أي يعدِلون عن ربهم إلى غيره. والثاني: أنها للتعدية، ويَعْدِلون من العَدْل وهو التسوية بين الشيئين، أي: ثم الذين كفروا يُسَوُّوْن بربهم غيرَه من المخلوقين، فيكون المفعول محذوفاً.
قوله تعالى: ﴿مِّن طِينٍ﴾ : فيه وجهان، أظهرهما: أنه متعلِّقٌ ب «خَلَقكم» و «مِنْ» لابتداء الغاية. والثاني: أنه متعلِّق بمحذوف على أنه حال، وهل يُحتاج في هذا الكلام إلى حَذْفِ مضاف أم لا؟ خلاف: ذهب جماعة كالمهدويِّ ومكي وجماعة إلى أنه لا حَذْفَ، وأن الإِنسان مخلوقٌ من الطين، وروي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما من مولودٍ يولد إلا ويُذَرُّ على النطفة من تراب حفرته». وقيل: إن النطفة أصلها الطين. وقال غالب المفسرين: ثمَّ محذوفٌ أي: خَلَقَ أَصْلَكم أو أباكم من طينٍ، يعنون آدم وقصته المشهورة. وقال امرؤ القيس:

١٨٥ - ٩- إلى عِرْقِ الثَّرى رَسَخَتْ عُروقي وهذا الموتُ يَسْلُبُني شبابي
قالوا: أراد بعِرقْ الثرى آدم عليه السلام لأنه أصلُه.
قوله: ﴿ثُمَّ قضى﴾ إن كان «قضى» بمعنى أظهر ف «ثُمَّ» للترتيب الزماني على أصلها؛ لأنَّ ذلك متأخرٌ عن خَلْقِنا وهي صفة فعل، وإن كان بمعنى كَتَب وقَد‍َّر فهي للترتيب في الذِّكْر؛ لأنها صفة ذات، وذلك مُقَدَّم على خَلْقِنا.
قوله: ﴿وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ﴾ مبتدأ وخبر، وسوَّغ الابتداء هنا شيئان، أحدهما: وَصْفُه، والثاني: عَطْفُه، ومجرَّدُ العطف من المسوغات، قال:
١٨٦ - ٠-


الصفحة التالية
Icon