فيه وجاز ذلك لأن الكلام غير موجب والمجرور نكرة. إلا أن الشيخ منع ذلك بأنه لا يقع إذ ذاك المفردُ موقعَ الجمع لو قلت: [ «كم أزماناً ضربتُ رجلاً، أو كم مرةً ضربتُ رجلاً» لم يكن مدلولُ رجل رجالاً]، لأن السؤال إنما يقع عن عدد الأزمنة أو المرات التي ضربت فيها، وبأن هذا ليس [موضعَ زيادة «مِنْ» لأنها لا تُزاد في الاستفهام]، إلا وهو استفهام مَحْضٌ أو يكونُ بمعنى النفي، والاستفهام هنا ليس مَحْظَاً ولا مُراداً به النفيُ. [انتهى. والجواب عمَّا قاله: لا نُسَلِّم ذلك].
قوله: ﴿مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض﴾ في موضع جر صفةً ل «قَرْن» وعاد الضميرُ عليه جمعاً باعتبار معناه، قاله أبو البقاء والحوفي، وضَعَّفه الشيخ بأنَّ «مِنْ قرن» تمييز ل «كم» ف «كم» هي المحدِّث عنها بالإِهلاك، فهي المُحَدَّثُ عنها بالتمكين لا ما بعدها، إذ «من قرن» يجري مجرى التبيين، ولم يُحَدَّثْ عنه. وجَوَّز الشيخ أن تكون هذه الجملة استنئافاً جواباً لسؤالٍ مقدَّر، قال كأنه قيل: ما كان من حالهم؟ فقيل: مكَّنَّاهم، وجعله هو الظاهر. وفي نظر، فإن النكرة مفتقرةٌ للصفة فَجَعْلُها صفةً أَلْيَق.
والفرق بين قوله ﴿مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض﴾ [وقوله] :«ما لم نمكِّن لكم» أنَّ «