ما لم نمكِّن يا أهل هذا العصر لكم، ويحتمل أن يُقَدِّر معنى القول لهؤلاء الكفرة، كأنه قال: يا محمد قل لهم: ألم يروا كم أهلكنا الآية، فإذا أخبرت أنك قُلْتَ - أو أَمَرْتَ أن يقال - فَلَكَ في فصيح كلام العرب أن تحكي الألفاظ المقولة بعينها فتجيءَ بلفظ المخاطبة، ولك أن تجيء بالمعنى في الألفاظ بالغيبة دون الخطاب».
انتهى ومثاله: «قلت لزيد: ما أكرمك، أو ما أكرمه».
والقَرْن: لفظ يقع على معانٍ كثيرة، فالقرن: الأمَّة من الناس، سمُّوا بذلك لاقترانهم في مدة من الزمان، ومنه قوله عليه السلام: «خيرُ القرون قرني». وقال الشاعر:
١٨٦ - ٤- أُخَبِّرُ أخبارَ القُرونِ التي مَضَتْ | أَدِبُّ كاني كلما قُمْتُ راكِعُ |
١٨٦ - ٥- في الذاهبين الأوَّلِي | نَ من القرون لنا بصائِرْ |
وهل إطلاقه على الناس والزمان بطريق الاشتراك أو الحقيقة والمجاز؟ الراجح الثاني؛ لأن المجازَ خيرٌ من الاشتراك. وإذا قلنا بالراجح فإنها الحقيقة، الظاهر أنه القوم لأنَّ غالبَ ما يُطلق عليهم، والغَلَبة مؤذنةٌ بالأصالة